الإرادتين، وهذا بيان لمراده فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها لهم ونصرتهم عليها ﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الانفال : ٨] المشركون ذلك ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ ﴾ [الانفال : ٩] بدل من ﴿ يَعِدُكُمُ ﴾ أو متعلق بقوله ﴿ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَـاطِلَ ﴾ [الانفال : ٨] واستغاثتهم أنهم لما علموا أنه لا بد من القتال طفقوا يدعون الله يقولون أي ربنا انصرنا على عدوك، يا غياث المستغيثين أغثنا.
وهي طلب الغوث وهو التخليص من المكروه ﴿ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ [الانفال : ٩] فأجاب.
وأصل ﴿ أَنِّي مُمِدُّكُم ﴾ [الانفال : ٩] " بأني ممدكم " فحذف الجار وسلط عليه فنصب محله ﴿ مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَـائكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الانفال : ٩] ـ ﴿ مُرْدِفِينَ ﴾ ـ مدني.
غيره بكسر الدال.
فالكسر على أنهم أردفوا غيرهم، والفتح على أنه أردف كل ملك ملكاً آخر.
يقال : ردفه إذا تبعه، وأردفته إياه إذا اتبعه ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران : ١٢٦] أي الإمداد الذي دل عليه ممدكم ﴿ إِلا بُشْرَى ﴾ [آل عمران : ١٢٦] إلا بشارة لكم بالنصر ﴿ وَلِتَطْمَـاـاِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الانفال : ١٠] يعني أنكم استغثتم وتضرعتم لقلتكم فكان الإمداد بالملائكة بشارة لكم بالنصر وتسكيناً منكم وربطاً على قلوبكم ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِندِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١٢٦] أي ولا تحسبوا النصر من الملائكة فإن الناصر هو الله لكم وللملائكة، أو وما النصر من الملائكة وغيرهم من الأسباب إلا من عند الله، والمنصور من نصره الله.
واختلف في قتال الملائكة يوم بدر فقيل : نزل جبريل عليه السلام في خمسمائة ملك على الميمنة وفيها أبو بكر رضي الله عنه، وميكائل في خمسمائة على الميسرة وفيها علي رضي الله عنه في صورة الرجال عليهم ثياب بيض وعمائم بيض قد أرخوا أذنابها بين أكتافهم فقاتلت حتى قال أبو جهل لابن مسعود : من أين كان يأتينا الضرب، ولا نرى الشخص، قال : من قبل الملائكة.
قال : فهم غلبونا لا أنتم.
وقيل : لم يقاتلوا وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبتون المؤمنين وإلا فملك واحد كافٍ في إهلاك أهل الدنيا.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣٨
﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ﴾ [البقرة : ٢٠٩] بنصر أوليائه ﴿ حَكِيمٌ ﴾ بقهر أعدائه.
١٣٩
﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ﴾ [الانفال : ١١] بدل ثانٍ من ﴿ يَعِدُكُمُ ﴾ أو منصوب بالنصر أو بإضمار اذكر.
﴿ يُغَشِّيكُمُ ﴾ مدني ﴿ النُّعَاسَ ﴾ النوم والفاعل هو الله على القراءتين.
﴿ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ ﴾ مكي، وأبو عمرو ﴿ ءَامِنَةً ﴾ مفعول له أي إذ تنعسون أمنة بمعنى أمناً أي لأمنكم، أو مصدر أي فأمنتم أمنة فالنوم يزيح الرعب ويريح النفس ﴿ مِنْهُ ﴾ صفة لها أي أمنة حاصلة لكم من الله ﴿ وَيُنَزِّلُ ﴾ بالتخفيف : مكي وبصري، وبالتشديد : وغيرهم ﴿ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً ﴾ [الانفال : ١١] مطراً ﴿ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ ﴾ [الانفال : ١١] بالماء من الحدث والجنابة ﴿ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَـانِ ﴾ [الانفال : ١١] وسوسته إليهم وتخويفه إياهم من العطش، أو الجنابة من الاحتلام، لأنه من الشيطان وقد وسوس إليهم أن لا نصرة مع الجنابة ﴿ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ ﴾ [الانفال : ١١] بالصبر ﴿ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاقْدَامَ ﴾ [الانفال : ١١] أي بالماء إذ الأقدام كانت تسوخ في الرمل، أو بالربط لأن القلب إذا تمكن فيه الصبر يثبت القدم في مواطن القتال ﴿ إِذْ يُوحِى ﴾ [الانفال : ١٢] بدل ثالث من ﴿ يَعِدُكُمُ ﴾ أو منصوب بـ ﴿ يُثَبِّتُ ﴾ ﴿ رَبُّكَ إِلَى الْمَلَـائكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ ﴾ [الانفال : ١٢] بالنصر ﴿ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [الانفال : ١٢] بالبشرى وكان الملك يسير أمام الصف في صورة رجل ويقول : أبشروا فإن الله ناصركم ﴿ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾ [الانفال : ١٢] هو امتلاء القلب من الخوف و ﴿ الرُّعْبَ ﴾ شامي وعلي ﴿ فَاضْرِبُوا ﴾ أمر للمؤمنين أو الملائكة، وفيه دليل على أنهم قاتلوا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣٨


الصفحة التالية
Icon