واللام في ﴿ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ ﴾ [الانفال : ٣٧] الفريق الخبيث من الكفار ﴿ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران : ١٧٩] أي من الفريق الطيب من المؤمنين، متعلقة بـ ﴿ يُحْشَرُونَ ﴾ ﴿ لِيَمِيزَ ﴾ حمزة وعلي ﴿ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ ﴾ [الانفال : ٣٧] الفريق الخبيث ﴿ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا ﴾ [الانفال : ٣٧] فيجمعه ﴿ فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ ﴾ [الانفال : ٣٧] أي الفريق الخبيث ﴿ أؤلئك ﴾ إشارة إلى الفريق الخبيث ﴿ هُمُ الْخَـاسِرُونَ ﴾ [البقرة : ٢٧] أنفسهم وأموالهم.
﴿ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الانفال : ٣٨] أي أبي سفيان وأصحابه ﴿ إِن يَنتَهُوا ﴾ [الانفال : ٣٨] عما هم عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقتاله بالدخول في الإسلام ﴿ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ﴾ [الانفال : ٣٨] لهم من العداوة ﴿ وَإِن يَعُودُوا ﴾ [الانفال : ٣٨] لقتاله ﴿ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الاوَّلِينَ ﴾ [الانفال : ٣٨] بالإهلاك في الدنيا والعذاب في العقبى، أو معناه أن الكفار إذا انتهوا عن الكفر وأسلموا غفر لهم ما قد سلف من الكفر والمعاصي، وبه احتج أبو حنيفة رحمه الله في أن المرتد إذا أسلم لم يلزمه قضاء العبادات المتروكة ﴿ وَقَـاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ [البقرة : ١٩٣] إلى أن لا يوجد فيهم شرك قط ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ [الانفال : ٣٩] ويضمحل عنهم كل دين باطل ويبقى فيهم دين الإسلام وحده ﴿ فَإِنِ انتَهَوْا ﴾ [الانفال : ٣٩] عن الكفر وأسلموا ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الانفال : ٣٩] يثيبهم على إسلامهم ﴿ وَإِن تَوَلَّوْا ﴾ [الانفال : ٤٠] أعرضوا عن الإيمان ولم ينتهوا ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَـاـاكُمْ ﴾ [الانفال : ٤٠] ناصركم ومعينكم فثقوا بولايته ونصرته ﴿ نِعْمَ الْمَوْلَى ﴾ [الانفال : ٤٠] لا يضيع من تولاه
١٤٩
﴿ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الانفال : ٤٠] لا يغلب من نصره.
والمخصوص بالمدح محذوف.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٧
﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم ﴾ [الانفال : ٤١] ما بمعنى الذي، ولا يجوز أن يكتب إلا مفصولاً إذ لو كتب موصولاً لوجب أن تكون ما كافة و ﴿ غَنِمْتُمْ ﴾ صلته والعائد محذوف والتقدير : الذي غنمتموه ﴿ مِّن شَىْءٍ ﴾ [الذاريات : ٤٢] بيانه قيل حتى الخيط والمخيط ﴿ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ [الانفال : ٤١] والفاء إنما دخلت لما في " الذي " من معنى المجازاة و " أن " وما عملت فيه في موضع رفع على أنه خبر مبدأ تقديره : فالحكم أن لله خمسة ﴿ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَـامَى وَالْمَسَـاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الانفال : ٤١] فالخمس كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقسم على خمسة أسهم : سهم لرسول الله، وسهم لذي قرابته من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل استحقوه حينئذ بالنصرة لقصة عثمان وجبير بن مطعم، وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل، وأما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسهمه ساقط بموته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان على ستة : لله والرسول سهمان، وسهم لأقاربه حتى قبض فأجرى أبو بكر رضي الله عنه الخمس على ثلاثة، وكذا عمر ومن بعده من الخلفاء رضي الله عنهم، ومعنى ﴿ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [الانفال : ٢٤] لرسول الله كقوله ﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُا أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ [التوبة : ٦٢] (التوبة : ٢٦) ﴿ إِن كُنتُمْ ءَامَنتُم بِاللَّهِ ﴾ [يونس : ٨٤] فاعملوا به وارضوا بهذه القسمة فالإيمان يوجب الرضا بالحكم والعمل بالعلم ﴿ وَمَآ أَنزَلْنَا ﴾ [الانفال : ٤١] معطوف على ﴿ بِاللَّهِ ﴾ أي إن كنتم آمنتم بالله وبالمنزل ﴿ عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ [الانفال : ٤١] يوم بدر ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ [آل عمران : ١٥٥] الفريقان من المسلمين والكافرين، والمراد ما أنزل عليه من الآيات والملائكة والفتح يومئذ وهو بدل من ﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ [الانفال : ٤١] ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٧
البقرة : ٢٨٤] يقدر على أن ينصر القليل على الكثير كما فعل بكم يومئذ.
١٥٠


الصفحة التالية
Icon