﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ ﴾ [الانفال : ٥٨] معاهدين ﴿ خِيَانَةً ﴾ نكثاً بأمارات تلوح لك ﴿ فَانابِذْ إِلَيْهِمْ ﴾ [الانفال : ٥٨] فاطرح إليهم العهد ﴿ عَلَى سَوَآءٍ ﴾ [الانفال : ٥٨] على استواء منك ومنهم في العلم بنقض العهد وهو حال من النابذ والمنبوذ إليهم أي حاصلين على استواء في العلم ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَا ـاِنِينَ ﴾ [الانفال : ٥٨] الناقضين للعهود ﴿ وَلا يَحْسَبَنَّ ﴾ [آل عمران : ١٧٨] بالياء وفتح السين : شامي وحمزة ويزيد وحفص، وبالتاء وفتح السين : أبو كبر، وبالتاء وكسر السين : غيرهم ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ﴾ [الانفال : ٥٩] فاتوا وأفلتوا من أن يظفر بهم ﴿ إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ ﴾ [الانفال : ٥٩] إنهم لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزاً عن إدراكهم ﴿ إِنَّهُمْ ﴾ شامي أي لأنهم، وكل واحدة من المكسورة والمفتوحة تعليل غير أن المكسورة على طريقة الاستئناف، والمفتوحة تعليل صريح ؛ فمن قرأ بالتاء فـ ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النمل : ٦٧] مفعول أول والثاني ﴿ سَبَقُوا ﴾ ومن قرأ بالياء فـ ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النمل : ٦٧] فاعل و ﴿ سَبَقُوا ﴾ مفعول تقديره أن سبقوا فحذف " أن "، و " أن " مخففة من الثقيلة أي أنهم سبقوا فسد مسد المفعولين، أو يكون الفاعل مضمراً أي ولا يحسبن محمد الكافرين سابقين ومن ادعى.
تفرد حمزة بالقراءة، ففيه نظر لما بيناه من عدم تفرده بها.
وعن الزهري أنها نزلت فيمن أفلت من فل المشركين.
١٥٧
﴿ وَأَعِدُّوا ﴾ أيها المؤمنون ﴿ لَهُمْ ﴾ لناقضي العهد أو لجميع الكفار ﴿ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾ [الانفال : ٦٠] من كل ما يتقوى به في الحرب من عددها وفي الحديث " ألا إن القوة الرمي " قالها ثلاثاً على المنبر.
وقيل : هي الحصون ﴿ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ [الانفال : ٦٠] هو اسم للخيل التي تربط سبيل سبيل الله، أو هو جمع ربيط كفصيل وفصال، وخص الخيل من بين ما يتقوى به كقوله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٥٧
﴿ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـالَ ﴾ (البقرة : ٨٩) ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ ﴾ [الانفال : ٦٠] بما استطعتم ﴿ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الانفال : ٦٠] أي أهل مكة ﴿ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ ﴾ [الانفال : ٦٠] غيرهم وهم اليهود، أو المنافقون، أو أهل فارس، أو كفرة الجن.
في الحديث " إن الشيطان لا يقرب صاحب فرس ولا دارا فيها فرس عتيق ".
وروي أن صهيل الخيل يرهب الجن ﴿ لا تَعْلَمُونَهُمُ ﴾ [الانفال : ٦٠] لا تعرفونهم بأعيانهم ﴿ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَىْءٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ﴾ [الانفال : ٦٠] يوفر عليكم جزاؤه ﴿ وَأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٢٧٢] في الجزاء بل تعطون على التمام ﴿ وَإِن جَنَحُوا ﴾ [الانفال : ٦١] ما لوا جنح له وإليه مال ﴿ لِلسَّلْمِ ﴾ للصلح وبكسر السين : أبو بكر وهو مؤنث تأنيث ضدها وهو الحرب ﴿ فَاجْنَحْ لَهَا ﴾ [الانفال : ٦١] فمل إليها ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الانفال : ٦١] ولا تخف من إبطانهم المكر في جنوحهم إلى السلم فإن الله كافيك وعاصمك من مكرهم ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ [الإسراء : ١] لأقوالك ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بأحوالك ﴿ وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ ﴾ [الانفال : ٦٢] يمكروا ويغدروا ﴿ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ﴾ [الانفال : ٦٢] كافيك الله ﴿ هُوَ الَّذِى أَيَّدَكَ ﴾ [الانفال : ٦٢] قواك ﴿ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الانفال : ٦٢] جميعاً أو بالأنصار.
١٥٨
﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾ [الانفال : ٦٣] قلوب الأوس والخزرج بعد تعاديهم مائة وعشرين سنة ﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى الارْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾ [الانفال : ٦٣] أي بلغت عداوتهم مبلغاً لو أنفق منفق في إصلاح ذات بينهم ما في الأرض من الأموال لم يقدر عليه ﴿ وَلَـاكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٥٧