﴿ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا ﴾ [المؤمنون : ٢٧] أي عذابنا بأمرنا ﴿ وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾ [المؤمنون : ٢٧] أي فار الماء من تنور الخبز أي أخرج سبب الغرق من موضع الحرق ليكون أبلغ في الإنذار والاعتبار.
روي أنه قيل لنوح : إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب وكان تنور آدم فصار إلى نوح وكان من حجارة.
واختلف في مكانه فقيل : في مسجد الكوفة.
وقيل : بالشام.
وقيل : بالهند.
﴿ فَاسْلُكْ فِيهَا ﴾ [المؤمنون : ٢٧] فأدخل في السفينة
١٧٦
﴿ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ﴾ [هود : ٤٠] من كلّ أمتي زوجين وهما أمة الذكر وأمة الأنثى كالجمال والنوق والحصن والرماك ﴿ اثْنَيْنِ ﴾ واحدين مزدوجين كالجمل والناقة والحصان والرمكة.
روي أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض من كل حفص والمفضل أي من كل أمة زوجين اثنين و اثنين تأكيد وزيادة بيان ﴿ وَأَهْلَكَ ﴾ ونساءك وأولادك ﴿ إِلا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ﴾ [هود : ٤٠] من الله بإهلاكه وهو ابنه وإحدى زوجتيه فجيء بـ " على " مع سبق الضار كما جيء باللام مع سبق النافع في قوله ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات : ١٧١] ونحوها ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [البقرة : ٢٨٦] ﴿ مِنْهُمْ وَلا تُخَـاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴾ [المؤمنون : ٢٧] ولا تسألني نجاة الذين كفروا فإني أغرقهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٦
﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ﴾ [المؤمنون : ٢٨] فإذا تمكنتم عليها راكبين ﴿ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى نَجَّـاـانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ ﴾ [المؤمنون : ٢٨] أمر بالحمد على هلاكهم والنجاة منهم.
ولم يقل فقولوا وإن كان فإذا استويت أنت ومن معك في معنى إذا استويتم لأنه نبيهم وإمامهم فكان قوله قولهم مع ما فيه من الإشعار بفضل النبوة ﴿ وَقُل ﴾ حين ركبت على السفينة أو حين خرجت منها ﴿ رَّبِّ أَنزِلْنِى مُنزَلا ﴾ [المؤمنون : ٢٩] أي إنزالاً أو موضع إنزال منزلاً أبو بكر أي مكاناً ﴿ مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴾ [المؤمنون : ٢٩] والبركة في السفينة النجاة فيها وبعد الخروج منها كثرة النسل وتتابع الخيرات ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ ﴾ [السجدة : ٢٦] فيم فعل بنوح وقومه ﴿ لايَـاتٍ ﴾ لعبراً ومواعظ ﴿ وَإِنَّ ﴾ هي المخففة من المثقلة واللام هي الفارقة بين النافية وبينها والمعنى وإن الشأن والقصة ﴿ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾ [المؤمنون : ٣٠] لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد، أو مختبرين بهذه الآيات عبادنا لننظر من يعتبر ويذكر كقوله تعالى ﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَـاهَآ ءَايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [القمر : ١٥].
١٧٧
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٧
﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَا ﴾ [المؤمنون : ٣١] خلقنا ﴿ مِن بَعْدِهِمْ ﴾ [الأعراف : ١٧٣] من بعد نوح ﴿ قَرْنًا ءَاخَرِينَ ﴾ [الأنعام : ٦] هم عاد قوم هود ويشهد له قول هود ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ﴾ [الأعراف : ٦٩] ومجيء قصة هود على أثر قصة نوح في " الأعراف " و " هود " و " الشعراء " ﴿ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ ﴾ [المؤمنون : ٣٢] الإرسال يعدى بـ " إلى " ولم يعد بـ " في " هنا وفي قوله ﴿ كَذَالِكَ أَرْسَلْنَـاكَ فِى أُمَّةٍ ﴾ [الرعد : ٣٠] ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ ﴾ [الأعراف : ٩٤] ولكن الأمة والقرية جعلت موضعا للإرسال كقول رؤبة :
أرسلت فيها مصعباً ذا إقحام