﴿ رَسُولا ﴾ هو هود ﴿ مِّنْهُمْ ﴾ من قومهم ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرُهُا أَفَلا تَتَّقُونَ ﴾ [المؤمنون : ٣٢] " أن " مفسرة لـ أرسلنا أي قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله.
﴿ وَقَالَ الْمَلا مِن قَوْمِهِ ﴾ [المؤمنون : ٣٣] ذكر مقالة قوم هود في جوابه في " الأعراف " وهود بغير واو لأنه على تقدير سؤال سائل قال : فما قال قومه؟ فقيل له : قالوا كيت وكيت، وههنا مع الواو لأنه عطف لما قالوه على ما قاله الرسول، ومعناه أنه اجتمع في الحصول هذا الحق وهذا الباطل وليس بجواب للنبي صلى الله عليه وسلّم متصل بكلامه ولم يكن بالفاء، وجيء بالفاء في قصة نوح لأنه جواب لقوله واقع عقيبه ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النمل : ٦٧] صفة للملأ أو لقومه ﴿ وَكَذَّبُوا بِلِقَآءِ الاخِرَةِ ﴾ [المؤمنون : ٣٣] أي بلقاء ما فيها من الحساب والثواب والعقاب وغير ذلك ﴿ وَأَتْرَفْنَـاهُمْ ﴾ ونعمناهم ﴿ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم ﴾ [العنكبوت : ٢٥] بكثرة الأموال والأولاد ﴿ مَا هَـاذَآ ﴾ [الأحقاف : ١٧] أي النبي ﴿ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾ [المؤمنون : ٣٣] أي منه فحذف لدلالة ما قبله عليه أي من أين يدعي رسالة الله من بينكم وهو مثلكم ﴿ وَلَـاـاِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ ﴾ [المؤمنون : ٣٤] فيما يأمركم به وينهاكم عنه ﴿ إِنَّكُمْ إِذًا ﴾ [الأعراف : ٩٠] واقع في جزاء الشرط وجواب للذين قاولوهم من قومهم ﴿ لَّخَـاسِرُونَ ﴾ بالانقياد لمثلكم،
١٧٨
ومن حمقهم أنهم أبوا اتباع مثلهم وعبدوا أعجز منهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٨
﴿ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ ﴾ [المؤمنون : ٣٥] بالكسر : نافع وحمزة وعلي وحفص، وغيرهم بالضم ﴿ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَـامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ﴾ [المؤمنون : ٣٥] مبعوثون للسؤال والحساب والثواب والعقاب وثني أنكم للتأكيد، وحسن ذلك للفصل بين الأول والثاني بالظرف و مخرجون خبر عن الأول والتقدير : أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً.
﴿ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ﴾ [المؤمنون : ٣٦] وبكسر التاء : يزيد، وروي عنه بالكسر والتنويم فيهما، والكسائي يقف بالهاء وغيره بالتاء وهو اسم للفعل واقع موقع بعد فاعلها مضمر أي بعد التصديق أو الوقوع ﴿ لِمَا تُوعَدُونَ ﴾ [المؤمنون : ٣٦] من العذاب، أو فاعلها ما توعدون واللام زائدة أي بعد ما توعدون من البعث ﴿ إِنْ هِىَ ﴾ [النجم : ٢٣] هذا ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا بما يتلوه من بيانه وأصله إن الحياة ﴿ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا ﴾ [المؤمنون : ٣٧] ثم وضع هي موضع الحياة لأن الخبر يدل عليها ويبينها، والمعنى لا حياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها ودنت منا، وهذا لأن " إن " النافية دخلت على " هي " التي في معنى الحياة الدالة على الجنس فنفتها فوازنت " لا " التي لنفي الجنس ﴿ نَمُوتُ وَنَحْيَا ﴾ [المؤمنون : ٣٧] أي يموت بعض ويولد بعض، ينقرض قرن فيأتي قرن آخر، أو فيه تقديم وتأخير أي نحيا ونموت وهو قراءة أبي وابن مسعود رضي الله عنهما ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ﴾ [الأنعام : ٢٩] بعد الموت ﴿ إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [المؤمنون : ٣٨] أي ما هو إلا مفتر على الله فيما يدعيه من استنبائه وفيما يعدنا من البعث ﴿ وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [المؤمنون : ٣٨] بمصدقين.
﴿ قَالَ رَبِّ انصُرْنِى بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ [المؤمنون : ٢٦] فأجاب الله دعاء الرسول بقوله ﴿ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ ﴾ [المؤمنون : ٤٠] قليل صفة للزمان كقديم وحديث في قولك " ما رأيته قديماً ولا حديثاً " وفي معناه عن قريب و " ما " زائدة أو بمعنى شيء أو زمن وقليل بدل منها وجواب القسم المحذوف ﴿ لَّيُصْبِحُنَّ نَـادِمِينَ ﴾ [المؤمنون : ٤٠] إذا عاينوا ما يحل بهم
١٧٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٩