﴿ إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ فأجازيكم على أعمالكم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨١
﴿ وَإِنَّ هَـاذِهِ ﴾ [المؤمنون : ٥٢] كوفي على الاستئناف.
وأن حجازي وبصري بمعنى ولأن أي فاتقون لأن هذه، أو معطوف على ما قبله أي بما تعملون عليم وبأن هذه.
أو تقديره واعلموا أن هذه ﴿ أُمَّتُكُمْ ﴾ أي ملتكم وشريعتكم التي أنتم عليها.
﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [يونس : ١٩] صلة واحدة وهي شريعة الاسلام.
وانتصاب أمة على الحال والمعنى وإن الدين دين واحد وهو الاسلام ومثله ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الاسْلَـامُ ﴾ [آل عمران : ١٩] ﴿ وَأَنَا رَبُّكُمْ ﴾ [المؤمنون : ٥٢] وحدي ﴿ فَاتَّقُونِ ﴾ فخافوا عقابي في مخالفتكم أمري ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ﴾ [المؤمنون : ٥٣] تقطع بمعنى قطع أي قطعوا أمر دينهم ﴿ زُبُرًا ﴾ جمع زبور أي كتباً مختلفة يعني جعلوا دينهم أدياناً.
وقيل : تفرقوا في دينهم فرقاً كلٍ فرقة تنتحل كتاباً.
وعن الحسن : قطعوا كتاب الله قطعاً وحرفوه.
وقرىء زبرا جمع زبرة أي قطعاً ﴿ كُلُّ حِزْب ﴾ [المؤمنون : ٥٣] كل فرقة من فرق هؤلاء المختلفين المتقطعين دينهم ﴿ بِمَا لَدَيْهِمْ ﴾ [المؤمنون : ٥٣] من الكتاب والدين أو من الهوى والرأي ﴿ فَرِحُونَ ﴾ مسرورون معتقدون أنهم على الحق ﴿ فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ ﴾ [المؤمنون : ٥٤] جهالتهم وغفلتهم ﴿ حَتَّى حِينٍ ﴾ [يوسف : ٣٥] أي إلى أن يقتلون أو يموتوا.
﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ﴾ [المؤمنون : ٥٥] " ما " بمعنى الذي وخبر " أن ".
﴿ نُسَارِعُ لَهُمْ فِى الْخَيْرَاتِ ﴾ [المؤمنون : ٥٦] والعائد من خبر " أن " إلى اسمها محذوف أي نسارع لهم به، والمعنى أن هذا الإمداد ليس إلا استدراجاً لهم إلى المعاصي وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات ومعالجة بالثواب جزاء على حسن صنيعهم.
وهذه الآية حجة على المعتزلة في مسألة الأصلح لأنهم يقولون إن الله لا يفعل بأحد من الخلق إلا ما هو أصلح له في الدين، وقد أخبر أن ذلك ليس بخير لهم في الدين ولا أصلح ﴿ بَل لا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون : ٥٦] بل استدراك لقوله أيحسبون أي أنهم أشباه البهائم لا شعور لهم حتى
١٨٢
يتأملوا في ذلك أنه استدراج أو مسارعة في الخير.
ثم بين ذكر أوليائه فقال
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٢
﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾ [المؤمنون : ٥٧] أي خائفون ﴿ وَالَّذِينَ هُم بِـاَايَـاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون : ٥٨] أي بكتب الله كلها لا يفرقون بين كتبه كالذين تقطعوا أمرهم بينهم وهم أهل الكتاب ﴿ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ﴾ [المؤمنون : ٥٩] كمشركي العرب ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا ﴾ [المؤمنون : ٦٠] أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقات.
وقريء يأتون ما أتوا بالقصر أي يفعلون ما فعلوا ﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون : ٦٠] خائفة أي لا تقبل منهم لتقصيرهم ﴿ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون : ٦٠] الجمهور على أن التقدير لأنهم وخبر إن الذين ﴿ أؤلئك يُسَـارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ ﴾ [المؤمنون : ٦١] يرغبون في الطاعات فيبادرونها ﴿ وَهُمْ لَهَا سَـابِقُونَ ﴾ [المؤمنون : ٦١] أي لأجل الخيرات سابقون إلى الجنات أو لأجلها سبقوا الناس.