﴿ وَهُوَ الَّذِى ذَرَأَكُمْ ﴾ [المؤمنون : ٧٩] خلقكم وبثكم بالتناسل ﴿ فِى الارْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المؤمنون : ٧٩] تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم ﴿ وَهُوَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ ﴾ [المؤمنون : ٨٠] أي يحيى النسم بالإنشاء ويميتها بالإفناء ﴿ وَلَهُ اخْتِلَـافُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾ [المؤمنون : ٨٠] أي مجيء أحدهما عقيب الآخر واختلافهما في الظلمة والنور أو في الزيادة والنقصان وهو مختص به ولا يقدر على تصريفهما غيره ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ٤٤] فتعرفوا قدرتنا على البعث أو فتستدلوا بالصنع على الصانع فتؤمنوا ﴿ بَلْ قَالُوا ﴾ [الأنبياء : ٥] أي أهل مكة ﴿ مِثْلَ مَا قَالَ الاوَّلُونَ ﴾ [المؤمنون : ٨١] أي الكفار قبلهم.
ثم بين ما قالوا بقوله ﴿ قَالُوا أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَـامًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ متنا نافع وحمزة وعلي وحفص.
﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا هَـاذَا ﴾ [المؤمنون : ٨٣] أي البعث ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] مجيء محمد ﴿ إِنْ هَـاذَآ إِلا أَسَـاطِيرُ الاوَّلِينَ ﴾ [الأنعام : ٢٥] جمع أسطار جمع سطر وهي ما كتبه الأولون مما لا حقيقة له وجمع أسطورة أوفق.
ثم أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بإقامة الحجة على المشركين بقوله ﴿ قُل لِّمَنِ الارْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون : ٨٤] فإنهم ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ﴾ [المؤمنون : ٨٧] لأنهم مقرون بأنه الخالق فإذا قالوا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٧
﴿ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ﴾ [المؤمنون : ٨٥]
١٨٧
فتعلموا أن من فطر الأرض ومن فيها كان قادراً على إعادة الخلق، وكان حقيقاً بأن لا يشرك به بعض خلقه في الربوبية.
أفلا تذكرون بالتخفيف : حمزة وعلي وحفص، وبالتشديد : غيرهم
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٧
﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَـاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ﴾ أفلا تخافونه فلا تشركوا به، أو أفلا تتقون في جحودكم قدرته على البعث مع اعترافكم بقدرته على خلق هذه الأشياء؟ ﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ ﴾ [المؤمنون : ٨٨] الملكوت الملك والواو والتاء للمبالغة فتنبيء عن عظم الملك ﴿ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون : ٨٨] أجرت فلاناً على فلان إذا أغثته منه ومنعته يعني وهو يغيث من يشاء ممن يشاء ولا يغيث أحد منه أحداً ﴿ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون : ٨٩] تخدعون عن الحق أو عن توحيده وطاعته، والخادع هو الشيطان والهوى الأول لله بالإجماع إذ السؤال لمن، وكذا الثاني والثالث عند غير أهل البصرة على المعنى لأنك إذا قلت : من رب هذا؟ فمعناه لمن هذا فيجاب لفلان كقول الشاعر :
إذا قيل من رب المزالف والقرى
ورب الجياد الجرد قيل لخالد
أي لمن المزالف.
ومن قرأ بحذفه فعلى الظاهر لأنك إذا قلت : من رب هذا؟ فجوابه فلان ﴿ بَلْ أَتَيْنَـاهُم بِالْحَقِّ ﴾ [المؤمنون : ٩٠] بأن نسبة الولد إليه محال والشرك باطل ﴿ وَإِنَّهُمْ لَكَـاذِبُونَ ﴾ [الأنعام : ٢٨] في قولهم اتخذ الله ولداً ودعائهم الشريك.
ثم أكد كذبهم بقوله ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ ﴾ [المؤمنون : ٩١] لأنه منزه عن النوع والجنس وولد الرجل
١٨٨
من جنسه ﴿ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـاهٍ ﴾ [المؤمنون : ٩١] وليس معه شريك في الألوهية ﴿ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـاه بِمَا خَلَقَ ﴾ [المؤمنون : ٩١] لانفرد كل واحد من الآلهة بالذي خلقه فاستبدبه ولتمييز ملك كل واحد منهم عن الآخر ﴿ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [المؤمنون : ٩١] ولغلب بعضهم بعضاً كما ترون حال ملوك الدنيا ممالكهم متمايزة وهم متغالبون، وحين لم تروا أثراً لتمايز المماليك وللتغالب فاعلموا أنه إله واحد بيده ملكوت كل شيء، ولا يقال إذاً لا تدخل إلا على كلام هو جزاء وجواب وههنا وقع لذهب جزاء وجواباً ولم يتقدمه شرط ولا سؤال سائل لأن الشرط محذوف وتقديره : ولو كان معه آلهة لدلالة وما كان معه من إله عليه وهو جواب لمن حآجه من المشركين ﴿ سُبْحَـانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون : ٩١] من الأنداد والأولاد
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٨


الصفحة التالية
Icon