﴿ عَـالِمِ ﴾ بالجر صفة لله، وبالرفع مدني وكوفي غير حفص خبر مبتدأ محذوف ﴿ الْغَيْبِ وَالشَّهَـادَةِ ﴾ [الزمر : ٤٦] السر والعلانية ﴿ فَتَعَـالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [المؤمنون : ٩٢] من الأصنام وغيرها.
﴿ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّى مَا يُوعَدُونَ ﴾ [المؤمنون : ٩٣] " ما " والنون مؤكدتان أي إن كان لا بد من أن تريني ما تعدهم من العذاب في الدنيا أو في الآخرة ﴿ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِى فِى الْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ ﴾ [المؤمنون : ٩٤] أي فلا تجعلني قريناً لهم ولا تعذبني بعذابهم، عن الحسن رضي الله عنه : أخبره الله أن له في أمته نقمة ولم يخبره متى وقتها، فأمر أن يدعو هذا الدعاء.
ويجوز أن يسأل النبي المعصوم صلى الله عليه وسلّم ربه ما علم أنه يفعله وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله إظهاراً للعبودية وتواضعاً لربه، واستغفاره عليه الصلاة والسلام إذا قام من مجلسه سبعين مرة لذلك، والفاء في فلا لجواب الشرط و رب اعتراض بينهما للتأكيد ﴿ وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَـادِرُونَ ﴾ [المؤمنون : ٩٥] كانوا ينكرون الموعد بالعذاب ويضحكون منه فقيل لهم : إن الله قادر على إنجاز ما وعد إن تأملتم فما وجه هذا الإنكار؟.
١٨٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٨٩
﴿ ادْفَعْ بِالَّتِى ﴾ [المؤمنون : ٩٦] بالخصلة التي ﴿ هِىَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾ [المؤمنون : ٩٦] هو أبلغ من أن يقال بالحسنة السيئة لما فيه من التفضيل كأنه قال : ادفع بالحسنى السيئة والمعنى أصفح عن إساءتهم ومقابلتها بما أمكن من الاحسان، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي شهادة أن لا إله إلا الله.
والسيئة : الشرك أو الفحش بالسلام أو المنكر بالموعظة.
وقيل : هي منسوخة بآية السيف.
وقيل : محكمة إذ المداراة محثوث عليها ما لم تؤد إلى ثلم دين ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون : ٩٦] من الشرك أو بوصفهم لك وسوء ذكرهم فنجازيهم عليه ﴿ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَـاطِينِ ﴾ [المؤمنون : ٩٧] من وساوسهم ونخساتهم، والهمز : النخس، والهمزات جمع الهمزة ومنه مهماز الرائض، والمعنى أن الشياطين يحثون الناس على المعاصي كما تهمز الرآضة الدواب حثاً لها على المشي ﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون : ٩٨] أمر بالتعوذ من نخساتهم بلفظ المبتهل إلى ربه المكرر لندائه وبالتعوذ من أن يحضروه أصلاً أو عند تلاوة القرآن أو عند النزع ﴿ حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ ﴾ [المؤمنون : ٩٩] " حتى " تتعلق بـ يصفون أي لا يزالون يشركون إلى وقت مجيء الموت، أو لا يزالون على سوء الذكر إلى هذا الوقت وما بينهما مذكور على وجه الاعتراض، والتأكيد للإغضاء عنهم مستعيناً بالله على الشيطان أن يستنزله عن الحلم ويغريه على الانتصار منهم ﴿ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ [المؤمنون : ٩٩] أي ردوني إلى الدنيا خاطب الله بلفظ الجمع للتعظيم كخطاب الملوك ﴿ لَعَلِّى أَعْمَلُ صَـالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون : ١٠٠] في الموضع الذي تركت وهو الدنيا لأنه ترك الدنيا وصار إلى العقبى، قال قتادة : ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة ولكن ليتدارك ما فرط.
لعلي ساكنة الياء كوفي وسهل ويعقوب ﴿ كَلا ﴾ ردع
١٩٠
عن طلب الرجعة وإنكار واستبعاد ﴿ إِنَّهَا كَلِمَةٌ ﴾ [المؤمنون : ١٠٠] المراد بالكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض وهو قوله : رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ﴿ هُوَ قَآ ـاِلُهَا ﴾ [المؤمنون : ١٠٠] لا محالة لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة والندم عليه ﴿ وَمِن وَرَآ ـاِهِم ﴾ [المؤمنون : ١٠٠] أي أمامهم والضمير للجماعة ﴿ بَرْزَخٌ ﴾ حائل بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا ﴿ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الأعراف : ١٤] لم يرد أنهم يرجعون يوم البعث وإنما هو إقناط كلي لما علم أن لا رجوع بعد البعث إلا إلى الآخرة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٠