﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ ﴾ [المؤمنون : ١٠١] قيل : إنها النفخة الثانية ﴿ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَـاـاِذٍ ﴾ [المؤمنون : ١٠١] وبالإدغام : أبو عمرو لاجتماع المثلين وإن كانا من كلمتين يعني يقع التقاطع بينهم حيث يتفرقون مثابين ومعاقبين ولا يكون التواصل بينهم بالأنساب إذ يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، وإنما يكون بالأعمال.
﴿ وَلا يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [المؤمنون : ١٠١] سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا لأن كلاً مشغول عن سؤال صاحبه بحاله.
ولا تناقض بين هذا وبين قوله ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [الصافات : ٢٧] فللقيامة مواطن.
ففي موطن يشتد عليهم الخوف فلا يتساءلون، وفي موطن يفيقون فيتساءلون.
﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾ [الأعراف : ٨] جمع موزون وهي الموزونات من الأعمال الصالحة التي لها وزن وقدر عند الله تعالى من قوله :﴿ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف : ١٠٥] ﴿ فَأُوالَـائكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوالَـائكَ ﴾ بالسيئات والمراد الكفار ﴿ فَأُوالَـائكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ ﴾ [الأعراف : ٩] غبنوها ﴿ فِى جَهَنَّمَ خَـالِدُونَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٣] بدل من خسروا أنفسهم ولا محل للبدل والمبدل منه لأن الصلة لا محل لها أو خبر بعد خبر لـ أولئك أو خبر مبتدأ محذوف ﴿ تَلْفَحُ ﴾ أي تحرق ﴿ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَـالِحُونَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٤] عابسون فيقال لهم
١٩١
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩١
﴿ أَلَمْ تَكُنْ ءَايَـاتِى ﴾ [المؤمنون : ١٠٥] أي القرآن ﴿ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٠١] في الدنيا ﴿ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٥] وتزعمون أنها ليست من الله تعالى.
﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا ﴾ [المؤمنون : ١٠٦] ملكتنا ﴿ شِقْوَتُنَا ﴾ شقاوتنا حمزة وعلي وكلاهما مصدر أي شقينا بأعمالنا السيئة التي عملناها.
وقول أهل التأويل غلب علينا ما كتب علينا من الشقاوة لا يصح، لأنه إنما يكتب ما يفعل العبد وما يعلم أنه يختاره ولا يكتب غير الذي علم أنه يختاره فلا يكون مغلوباً ومضطراً في الفعل، وهذا لأنهم إنما يقولون ذلك القول اعتذاراً لما كان منهم من التفريط في أمره فلا يجمل أن يطلبوا لأنفسهم عذراً فيما كان منهم ﴿ وَكُنَّا قَوْمًا ضَآلِّينَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٦] عن الحق والصواب ﴿ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا ﴾ [المؤمنون : ١٠٧] أي من النار ﴿ فَإِنْ عُدْنَا ﴾ [المؤمنون : ١٠٧] إلى الكفر والتكذيب ﴿ فَإِنَّا ظَـالِمُونَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٧] لأنفسنا.
﴿ وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ﴾ اسكتوا سكوت ذلة وهوان ﴿ وَلا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون : ١٠٨] في رفع العذاب عنكم فإنه لا يرفع ولا يخفف.
قيل : هو آخر كلام يتكلمون به ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير أن يحضروني.
ارجعوني ولا تكلموني بالياء في الوصل والوقف : يعقوب وغيره بلا ياء ﴿ إِنَّهُ ﴾ إن الأمر والشأن ﴿ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ﴾ مفعول ثان وبالضم : مدني وحمزة وعلي، وكلاهما مصدر سخر كالسخر إلا أن في ياء النسبة مبالغة.
قيل : هم الصحابة رضي الله عنهم.
وقيل : أهل الصفة خاصة ومعناه اتخذتموهم هزؤا وتشاغلتم بهم ساخرين ﴿ حَتَّى أَنسَوْكُمْ ﴾ [المؤمنون : ١١٠] بتشاغلكم بهم على تلك الصفة ﴿ ذِكْرِى ﴾ فتركتموه أي كان التشاغل بهم سبباً لنسيانكم ذكري ﴿ وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴾ [المؤمنون : ١١٠] استهزاء بهم.
١٩٢
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٢