وقوله :﴿ إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَالِكَ ﴾ [آل عمران : ٨٩] أي القذف ﴿ وَأَصْلَحُوا ﴾ أحوالهم استثناء من الفاسقون ويدل عليه ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة : ١٩٢] أي يغفر ذنوبهم ويرحمهم.
وحق الاستثناء أن يكون منصوباً عندنا لأنه عن موجب، وعند من جعل الاستثناء متعلقاً بالجملة الثانية أن يكون مجروراً بدلاً من " هم " في " لهم ".
ولما ذكر حكم قذف الأجنبيات بين حكم قذف الزوجات فقال ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ [النور : ٦] أي يقذفون زوجاتهم بالزنا ﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَآءُ ﴾ [النور : ٦] أي لم يكن لهم على تصديق قولهم من يشهد لهم به ﴿ إِلا أَنفُسُهُمْ ﴾ [النور : ٦] يرتفع على البدل من شهداء ﴿ فَشَهَـادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ ﴾ [النور : ٦] بالرفع كوفي غير أبي بكر على أنه خبر والمبتدأ فشهادة أحدهم وغيرهم بالنصب لأنه في حكم المصدر بالإضافة إلى المصدر، والعامل فيه المصدر الذي هو فشهادة أحدهم وعلى هذا خبره محذوف تقديره فواجب شهادة أحدهم أربع ﴿ شَهَـادَات بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّـادِقِينَ ﴾ فيما رماها به الزنا ﴿ وَالْخَـامِسَةَ ﴾ لا خلاف في رفع الخامسة هنا في المشهور والتقدير والشهادة الخامسة ﴿ وَالْخَـامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ ﴾ [النور : ٧] فهي مبتدأ وخبر ﴿ إِن كَانَ مِنَ الْكَـاذِبِينَ ﴾ [النور : ٧] فيما رماها به من الزنا ﴿ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذَابَ ﴾ ويدفع عنها الحبس وفاعل يدرأ
١٩٨
﴿ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَـادَات بِاللَّهِ إِنَّهُ ﴾ [النور : ٨] إن الزوج ﴿ لَمِنَ الْكَـاذِبِينَ ﴾ [النور : ٨] فيما رماني به من الزنا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٨
﴿ وَالْخَـامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ ﴾ [النور : ٩] أي الزوج ﴿ مِنَ الصَّـادِقِينَ ﴾ [الأعراف : ٧٠] فيما رماني به من الزنا.
ونصب حفص الخامسة عطفاً على أربع شهادات وغيره رفعها بالابتداء و أن غضب الله خبره.
وخفف نافع أن لعنة الله و أن غضب الله بكسر الضاد وهما في حكم المثقلة و أن غضب الله سهل ويعقوب وحفص وجعل في جانبها لأن النساء يستعملن اللعن كثيراً كما ورد به الحديث.
فربما يجترئن على الإقدام لكثرة جري اللعن على ألنستهن وسقوط وقوعه عن قلوبهن، فذكر الغضب في جانبهن ليكون رادعاً لهن.
والأصل أن اللعان عندنا شهادات مؤكدات بالإيمان مقرونة باللعن قائمة مقام حد القذف في حقه ومقام حد الزنا في حقها، لأن الله تعالى سماه شهادة.
فإذا قذف الزوج زوجته بالزنا وهما من أهل الشهادة صح اللعان بينهما، وإذا التعنا كما بين في النهر لا تقع الفرقة حتى يفرق القاضي بينهما.
وعند زفر رحمه الله تعالى تقع بتلاعنهما والفرقة تطليقة بائنة، وعند أبي يوسف وزفر والشافعي تحريم مؤبد.
ونزلت آية اللعان في هلال بن أمية أو عويمر حيث قال : وجدت على بطن امرأتي خولة شريك بن سحماء فكذبته فلاعن النبي صلى الله عليه وسلّم بينهما ﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ ﴾ [النساء : ١١٣] تفضله ﴿ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾ [النور : ١٤] نعمته ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور : ١٠] جواب " لولا " محذوف أي لفضحكم أو لعاجلكم بالعقوبة.
١٩٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٩