﴿ تَبَارَكَ الَّذِى إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَالِكَ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورَا ﴾ [الفرقان : ١٠] أي تكاثر خير الذي إن شاء وهب لك في الدنيا خيراً مما قالوا، وهو أن يعجل لك مثل ما وعدك في الآخرة من الجنات والقصور.
و جنات بدل من خيرا، ويجعل بالرفع : مكي وشامي وأبو بكر لأن الشرط إذا وقع ماضياً جاز في جزائه الجزم والرفع ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ﴾ [الفرقان : ١١] عطف على ما حكى عنهم يقول : بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة، أو متصل بما يليه كأنه قال : بل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بها؟ ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴾ [الفرقان : ١١] وهيأنا للمكذبين بها ناراً شديدة في الاستعار.
﴿ إِذَا رَأَتْهُم ﴾ [الفرقان : ١٢] أي النار أي قابلتهم ﴿ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [سبأ : ٥٢] أي إذا كانت منهم بمرأى الناظرين في البعد ﴿ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾ [الفرقان : ١٢] أي سمعوا صوت غليانها وشبه ذلك بصوت المتغيظ والزافر، أو إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غضباً على الكفار.
٢٣٥
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٥
﴿ وَإِذَآ أُلْقُوا مِنْهَا ﴾ [الفرقان : ١٣] من النار ﴿ مَكَانًا ضَيِّقًا ﴾ [الفرقان : ١٣] ضيقاً مكي فإن الكرب مع الضيق كما أن الروح مع السعة ولذا وصفت الجنة بأن عرضها السماوات والأرض.
وعن ابن عباس رضي الله عنها أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح ﴿ مُّقَرَّنِينَ ﴾ أي وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرّنون في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال، أو يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة وفي أرجلهم الأصفاد ﴿ دَعَوْا هُنَالِكَ ﴾ [الفرقان : ١٣] حينئذ ﴿ ثُبُورًا ﴾ هلاكاً أي قالوا واثبوراه أي تعال يا ثبور فهذا حينك فيقال لهم ﴿ لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ﴾ [الفرقان : ١٤] أي إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحداً إنما هو ثبور كثير ﴿ قُلْ أَذَالِكَ خَيْرٌ ﴾ [الفرقان : ١٥] أي المذكور من صفة النار خير ﴿ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الفرقان : ١٥] أي وعدها فالراجع إلى الموصول محذوف، وإنما قال : أذلك خير، ولا خير في النار توبيخاً للكفار ﴿ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً ﴾ [الفرقان : ١٥] ثواباً ﴿ وَمَصِيرًا ﴾ مرجعاً.
وإنما قيل كانت لأن ما وعد الله كأنه كان لتحققه أو كان ذلك مكتوباً في اللوح قبل أن خلقهم ﴿ لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ ﴾ [النحل : ٣١] أي ما يشاؤونه ﴿ خَـالِدِينَ ﴾ حال من الضمير في يشاؤون والضمير في كان لـ ما يشاؤون ﴿ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا ﴾ [الفرقان : ١٦] أي موعوداً ﴿ مَّسْـاُولا ﴾ مطلوباً أو حقيقاً أن يسأل أو قد سأله المؤمنون والملائكة في دعواتهم ﴿ رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ ﴾ [آل عمران : ١٩٤] ﴿ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً ﴾ [البقرة : ٢٠١] ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّـاتِ عَدْنٍ الَّتِى وَعَدْتَّهُمْ ﴾ [غافر : ٨]
٢٣٦
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٦
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ [سبأ : ٤٠] ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ﴾ [الأنعام : ٢٢] للبعث عند الجمهور وبالياء : مكي ويزيد ويعقوب وحفص.


الصفحة التالية
Icon