يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام لأنه لا يختلف ولكن يختلف فيه البلاد، وينتزع من هنا جواب في تنكير البلدة والأنعام والأناسي.
ومن نسب الأمطار إلى الأنواء وجحد أن تكون هي والأنواء من خلق الله تعالى كفر، وإن رأى أن الله تعالى خالقها وقد نصب الأنواء أمارات ودلالات عليها لم يكفر
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٤٩
﴿ الْكَـافِرِينَ ﴾ أي لو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى، ولبعثنا في كل قرية نبياً ينذرها، ولكن شئنا أن تجمع لك فضائل جميع المرسلين بالرسالة إلى كافة العالمين فقصرنا الأمر عليك وعظمناك به فتكون وحدك ككلهم، ولذا خوطب بالجمع يا أيها الرسل فقابل ذلك بالشكر والصبر والتشدد، فلا تطع الكافرين فيما يدعونك إليه من موافقتهم ومداهنتهم، وكما اثرتك على جميع الأنبياء فاثر رضائي على جميع الأهواء، وأريد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم ﴿ وَجَـاهِدْهُم بِهِ ﴾ [الفرقان : ٥٢] أي بالله يعني بعونه وتوفيقه أو بالقرآن أي جادلهم به وقرعهم بالعجز عنه ﴿ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان : ٥٢] عظيماً موقعه عند الله لما يحتمل فيه من المشاق، ويجوز أن يرجع الضمير في به إلى ما دل عليه ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً من كونه نذير كافة القرى لأنه لو بعث في كل قرية نذيراً لوجب على كل نذير مجاهدة قريته فاجتمعت على رسول الله تلك المجاهدات فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم فقال له : وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهاداً كبيراً جامعاً لكل مجاهدة.
﴿ وَهُوَ الَّذِى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ﴾ [الفرقان : ٥٣] خلاّهما متجاورين متلاصقين.
تقول : مرجت الدابة إذا خليتها ترعي، وسمى الماءين الكثيرين الواسعين بحرين ﴿ هَـاذَآ ﴾ أي أحدهما ﴿ عَذْبٌ فُرَاتٌ ﴾ [فاطر : ١٢] صفة لـ عذب أي شديد العذوبة حتى يقرب إلى الحلاوة ﴿ وَهَـاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ﴾ [الفرقان : ٥٣] صفة لـ ملح أي شديد الملوحة ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا ﴾ [الفرقان : ٥٣] حائلاً من قدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج فهما في الظاهر مختلطان وفي الحقيقة منفصلان
٢٥٠
﴿ وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴾ [الفرقان : ٥٣] وستراً ممنوعاً عن الأعين كقوله حجاباً مستورا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٠
﴿ وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ ﴾ [الفرقان : ٥٤] أي النطفة ﴿ بَشَرًا ﴾ إنساناً ﴿ فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾ [الفرقان : ٥٤] أراد تقسيم البشر قسمين : ذوي نسب أي ذكوراً ينسب إليهم فيقال فلان بن فلان وفلانة بنت فلان، وذوات صهر أي إناثاً يصاهر بهن كقوله تعالى ﴿ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالانثَى ﴾ [القيامة : ٣٩] ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴾ [الفرقان : ٥٤] حيث خلق من النطفة الواحدة بشراً نوعين ذكراً وأنثى.
وقيل : فجعله نسباً أي قرابة وصهراً مصاهرة يعني الوصلة بالنكاح من باب الأنساب لأن التواصل يقع بها وبالمصاهرة لأن التوالد يكون بهما ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ ﴾ [الفرقان : ٥٥] إن عبدوه ﴿ وَلا يَضُرُّهُمْ ﴾ [الفرقان : ٥٥] إن تركوه ﴿ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ﴾ [الفرقان : ٥٥] على معصية ربه ﴿ ظَهِيرًا ﴾ معيناً ومظاهراً.
وفعيل بمعنى مفاعل غير عزيز والظهير والمظاهر كالعوين والمعاون والمظاهرة المعاونة، والمعنى أن الكافر بعبادة الصنم يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الرحمن.
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ إِلا مُبَشِّرًا ﴾ [الإسراء : ١٠٥] للمؤمنين ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ منذراً للكافرين.


الصفحة التالية
Icon