﴿ قُلْ مَآ أَسْـاَلكُمْ عَلَيْهِ ﴾ [الفرقان : ٥٧] على التبليغ ﴿ مِنْ أَجْرٍ ﴾ [الفرقان : ٥٧] جعل ﴿ إِلا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ﴾ [الفرقان : ٥٧] والمراد إلا فعل من شاء واستثناؤه من الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال ما أطلب منك ثواباً على ما سعيت إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب ولكن صورة بصورة الثواب كأنه يقول : إن حفظت مالك اعتدّ حفظك بمنزلة الثواب لي ورضائي به كرضا المثاب بالثواب، ولعمري إنه عليه الصلاة والسلام مع أمته بهذا الصدد.
ومعنى اتخاذهم إلى الله سبيلاً تقربهم إليه بالإيمان والطاعة أو بالصدقة والنفقة.
وقيل : المراد لكن من شاء أن يتخذ بالإنفاق إلى رضاء ربه سبيلاً فليفعل.
وقيل : تقديره لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجراً إلا اتخاذ المدعو سبيلاً إلى ربه
٢٥١
بطاعته فذلك أجري لأن الله يأجرني عليه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥١
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَىِّ الَّذِى لا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان : ٥٨] اتخذ من لا يموت وكيلاً لا يكلك إلى من يموت ذليلاً يعني ثق به وأسند أمرك إليه في استكفاء شرورهم ولا تتكل على حي يموت.
وقرأها بعض الصالحين فقال : لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق والتوكل الاعتماد عليه في كل أمر ﴿ وَسَبِّحْ ﴾ من لا يكل إلى غيره من توكل عليه ﴿ بِحَمْدِهِ ﴾ بتوفيقه الذي يوجب الحمد أو قل سبحان الله وبحمده أو نزهه عن كل العيوب بالثناء عليه ﴿ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان : ٥٨] أي كفى الله خبيراً بذنوب عباده يعني أنه خبير بأحوالهم كافً في جزاء أعمالهم ﴿ الَّذِى خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ [الفرقان : ٥٩] أي في مدة مقدار هذه المدة لأنه لم يكن حينئذ ليل ونهار.
روي عن مجاهد : أو لها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة، وإنما خلقها في ستة أيام وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة تعليماً لخلقه الرفق والتثبت ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَـانُ ﴾ [الفرقان : ٥٩] أي هو الرحمن فـ الرحمن خبر مبتدأ محذوف أو بدل من الضمير في استوى أو الذي خلق مبتدأ والرحمن خبره ف ﴿ سُـاـاِلَ ﴾ بلا همزة مكي وعلي ﴿ بِهِ ﴾ صلة " سل " كقوله ﴿ سَأَلَ سَآ ـاِلُ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [المعارج : ١] كما تكون " عن " صلته في قوله تعالى ﴿ ثُمَّ لَتُسْـاَلُنَّ يَوْمَـاـاِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر : ٨] فسأل به كقولك اهتم به واشتغل به وسأل عنه كقولك بحث عنه وفتش عنه أو صلة ﴿ خَبِيرًا ﴾ ويكون خبيراً مفعول سل أي فاسأل عنه رجلاً عارفاً يخبرك برحمته، أو فاسأل رجلاً خبيراً به وبرحمته، أو الرحمن اسم من أسماء الله تعالى مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه فقيل : فاسأل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتب حتى تعرف من ينكره، ومن ثم كانوا يقولون ما نعرف الرحمن إلا
٢٥٢
الذي باليمامة يعنون مسيلمة وكان يقال له رحمان اليمامة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٢


الصفحة التالية
Icon