﴿ فِى جَنَّـاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر : ٤٥] وهذا أيضاً إجمال ثم تفصيل ﴿ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ ﴾ [الشعراء : ١٤٨] وعطف نخل على جنات مع أن الجنة تتناول النخل أول شيء تفضيلاً للنخل على سائر الشجر ﴿ طَلْعُهَا ﴾ هو ما يخرج من النخل كنصل السيف ﴿ هَضِيمٌ ﴾ لين نضيج كأنه قال : ونخل قد أرطب ثمره ﴿ وَتَنْحِتُونَ ﴾ تنقبون ﴿ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَـارِهِينَ ﴾ [الشعراء : ١٤٩] شامي وكوفي حاذقين حال وغيرهم فرهين أشرين، والفراهة الكيس والنشاط ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴾ الكافرين أو التسعة الذين عقروا الناقة جعل الأمر مطاعاً على المجاز الحكمي والمراد الامر وهو كل جمة أخرجت الحكم المفاد بها عن موضوعه في العقل لضرب من التأول كقولهم " أنبت الربيع البقل " ﴿ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى الارْضِ ﴾ [الشعراء : ١٥٢] بالظلم والكفر ﴿ وَلا يُصْلِحُونَ ﴾ [الشعراء : ١٥٢] بالإيمان والعدل والمعنى أن فسادهم مصمت ليس معه شيء من الصلاح كما تكون حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح.
﴿ قَالُوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ﴾ [الشعراء : ١٥٣] المسحر الذي سحر كثيراً حتى غلب على عقله.
وقيل : هو من السرح الرئة وأنه بشر ﴿ مَآ أَنتَ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِـاَايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّـادِقِينَ ﴾ [الشعراء : ١٥٤] في دعوى الرسالة.
﴿ قَالَ هَـاذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ ﴾ [الشعراء : ١٥٥] نصيب من الماء فلا تزاحموها فيه
٢٨١
﴿ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [الشعراء : ١٥٥] لا تزاحمكم هي فيه، روي أنهم قالوا : نريد ناقة عشراء تخرج من هذه الصخرة فتلد سقباً، فجعل صالح يتفكر فقال له جبريل : صل ركعتين واسأل ربك الناقة، ففعل فخرجت الناقة ونتجت سقباً مثلها في العظم وصدرها ستون ذراعاً، وإذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله، وإذا كان يوم شربهم لا تشرب فيه الماء، وهذا دليل على جواز المهايأة لأن قولهم : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم من المهايأة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨١
﴿ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُواءٍ ﴾ [الأعراف : ٧٣] بضرب أو عقر أو غير ذلك ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الشعراء : ١٥٦] عظم اليوم لحلول العذاب فيه ووصف اليوم به أبلغ من وصف العذاب، لأن الوقت إذا عظم بسببه كان موقعه من العظم أشد ﴿ فَعَقَرُوهَا ﴾ عقرها قدار ولكنهم راضون به فأضيف إليهم، روي أن عاقرها قال : لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون : أترضين؟ فتقول : نعم، وكذلك صبيانهم ﴿ فَأَصْبَحُوا نَـادِمِينَ ﴾ [الشعراء : ١٥٧] على عقرها خوفاً من نزول العذاب بهم لا ندم توبة أو ندموا حين لا ينفع الندم وذلك عند معاينة العذاب أو على ترك الولد ﴿ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ ﴾ [الشعراء : ١٥٨] المقدم ذكره.
﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾.
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْـاَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَـالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَـالَمِينَ ﴾ أراد بالعالمين الناس، أتطئون الذكور من الناس مع كثرة الإناث، أو أتطئون أنتم من بين من عداكم من العالمين الذكران أي أنتم مختصون بهذه الفاحشة والعالمين على هذا كل ما ينكح من الحيوان
٢٨٢
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٢
﴿ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ﴾ [الشعراء : ١٦٦] " من " تبيين لما خلق، أو تبعيض والمراد بما خلق العضو المباح منهن وكانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم، وفيه دليل على تحريم أدبار الزوجات والمملوكات ومن أجازه فقد أخطأ خطأ عظيماً ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء : ١٦٦] العادي المتعدي في ظلمه المتجاوز فيه الحد أي بل أنتم قوم أحق بأن توصفوا بالعدوان حيث ارتكبتم مثل هذه العظيمة.