﴿ قَالُوا لَـاـاِن لَّمْ تَنتَهِ يَـالُوطُ ﴾ عن إنكارك علينا وتقبيح أمرنا ﴿ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ﴾ [الشعراء : ١٦٧] من جملة من أخرجناه من بين أظهرنا وطردناه من بلدنا، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ حال ﴿ قَالَ إِنِّى لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ ﴾ [الشعراء : ١٦٨] هو أبلغ من أن يقول قال، فقول " فلان من العلماء " أبلغ من قولك " فلان عالم " لأنك تشهد بأنه مساهم لهم في العلم.
والقلي البغض يقلي الفؤاد والكبد، وفيه دليل على عظم المعصية لأن قلاه من حيث الدين ﴿ رَبِّ نَجِّنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [الشعراء : ١٦٩] من عقوبة عملهم ﴿ فَنَجِّيْنَـاهُ وَأَهْلَهُا أَجْمَعِينَ ﴾ [الشعراء : ١٧٠] يعني بناته ومن آمن معه ﴿ إِلا عَجُوزًا ﴾ [الشعراء : ١٧١] هي امرأة لوط وكانت راضية بذلك والراضي بالمعصية في حكم العاصي، واستثناء الكافرة من الأهل وهم مؤمنون للاشتراك في هذا الاسم وإن لم تشاركهم في الإيمان ﴿ فِى الْغَـابِرِينَ ﴾ [الشعراء : ١٧١] صفة لها في الباقين في العذاب فلم تنج منه، والغابر في اللغة الباقي كأنه قيل : إلا عجوزاً غابرة أي مقدراً
٢٨٣
غبورها إذ الغبور لم يكن صفتها وقت تنجيتهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٣
﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا الاخَرِينَ ﴾ [الشعراء : ١٧٢] والمراد بتدميرهم الائتفاك بهم ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ﴾ [الأعراف : ٨٤] عن قتادة : أمطر الله على شذاذ القوم حجارة من السماء فأهلكهم الله.
وقيل : لم يرض بالائتفاك حتى أتبعه مطراً من حجارة ﴿ فَسَآءَ ﴾ فاعله ﴿ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ﴾ [الشعراء : ١٧٣] والمخصوص بالذم وهو مطرهم محذوف ولم يرد بالمنذرين قوماً بأعيانهم بل المراد جنس الكافرين ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * كَذَّبَ أَصْحَـابُ لْـاَيْكَةِ ﴾ بالهمزة والجر هي غيضة تنبت ناعم الشجر عن الخليل ﴿ لْـاَيْكَةِ ﴾ حجازي وشامي وكذا في " ص " علم لبلد.
قيل : أصحاب الأيكة هم أهل مدين التجئوا إلى غيضة إذ ألح عليهم الوهج.
والأصح أنهم غيرهم نزلوا غيضة بعينها بالبادية وأكثر شجرهم المقل بدليل أنه لم يقل هنا " أخوهم شعيب " لأنه لم يكن من نسبهم بل كان من نسب أهل مدين ففي الحديث أن شعيباً أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة ﴿ الْمُرْسَلِينَ ﴾ أتموه ﴿ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ ﴾ [الشعراء : ١٨١] ولا تنقصوا الناس حقوقهم فالكيل وافٍ وهو مأمور به، وطفيف وهو منهي عنه، وزائد وهو مسكوت عنه، فتركه دليل على أنه إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعل فلا شيء عليه
٢٨٤
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٤
﴿ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ﴾ [الشعراء : ١٨٢] وبكسر القاف كوفي غير أبي بكر وهو الميزان أو القبان، فإن كان من القسط وهو العدل وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس وإلا فهو رباعي.