العاقب : وكان نسطوريا كانوا خمسة سادسهم كلبهم وقال المسلمون : كانوا سبعة وثامنهم كلبهم فحقق الله قول المسلمين وإنما عرفوا ذلك بإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبما ذكرنا من قبل وعن علي رضي الله عنه هم سبعة نفر أسماؤهم يمليخا ومكشلينا شليينا هؤلاء أصحاب يمين الملك وكان عن يساره مرنوش ودبرنوش وشاذنوش وكان يستشير هؤلاء الستة في أمره والسابع الراعي الذي وافقهم حين هربوا من ملكهم دقيانوس واسم مدينتهم أفسوس واسم كلبهم قطمير وسين الاستقبال وإن دخل في الأول دون الآخرين فهما داخلان في حكم السين كقولك قد أكرم وأنعم تريد معنى التواقع في الفعلين جميعاً أو أريد بيفعل معنى الاستقبال الذي هو صالح له ثلاثة خبر مبتدأ محذوف أي هم ثلاثة وكذلك خمسة وسبعة ورابعهم كلبهم جملة من مبتدأ وخبر واقعة صفة لثلاثة وكذلك سادسهم كلبهم وثامنهم كلبهم رجماً بالغيب رمياً بالخبر الخفي وإتيانا به كقوله ويقذفون بالغيب أي يأتون به أو وضع الرجم موضع الظن فكأنه قيل ظنا بالغيب لأنهم أكثروا أن يقولوا رجم بالظن مكان قولهم ظن حتى لم يبق عندهم فرق بين العبارتين والواو الداخلة على الجملة الثالثة هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة النكرة كما تدخل على الواقعة حالا عن المعرفة في قولك جاءني رجل ومعه آخر ومررت بزيد وفي يده سيف وفائدتها توكيد لصوق الصفة بالموصوف والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر وهذه الواو هي التي آذنت بأن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم قالوه عن ثبات علم ولم يرجموا بالظن كما رجم غيرهم دليله أن الله تعالى أتبع القولين الأولين قوله رجماً بالغيب وأتبع القول الثالث قوله :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩
﴿ قُل رَّبِّى أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم ﴾ [الكهف : ٢٢] أي قل ربي أعلم بعدّتهم وقد أخبركم بها بقوله سبعة وثامنهم كلبهم ﴿ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ ﴾ [الكهف : ٢٢] قال : ابن عباس رضي الله عنهما أنا من ذلك القليل وقيل إلا قليل من أهل الكتاب والضمير في سيقولون على هذا الأهل الكتاب خاصة أي سيقول أهل الكتاب فيهم كذا وكذا ولا علم بذلك إلا في قليل منهم وأكثرهم على ظن وتخمين ﴿ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ ﴾ [الكهف : ٢٢] فلا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف ﴿ إِلا مِرَآءً ظَـاهِرًا ﴾ [الكهف : ٢٢] إلا جدالاً ظاهراً غير متعمق فيه وهو أن تقص عليهم ما أوحى الله إليك
٢٠
فحسب ولا تزيد من غير تجهيل لهم أو بمشهد من الناس ليظهر صدقك ﴿ وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف : ٢٢] ولا تسأل أحداً منهم عن قصتهم سؤال متعنت له حتى يقول شيئاً فترده عليه وتزيف ما عنده ولا سؤال مسترشد لأن الله تعالى قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩