﴿ وَلا تَقُولَنَّ لِشَا ىْءٍ ﴾ [الكهف : ٢٣] لأجل شيء تعزم عليه ﴿ إِنِّى فَاعِلٌ ذَالِكَ ﴾ [الكهف : ٢٣] الشيء ﴿ غَدًا ﴾ أي فيما يستقبل من الزمان ولم يرد الغد خاصة ﴿ إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان : ٣٠] أن تقوله بأن يأذن لك فيه أو ولا تقولنه إلا بأن يشاء الله أي إلا بمشيئته وهو في موضع الحال أي إلا ملتبساً بمشيئة الله قائلاً إن شاء الله وقال الزجاج معناه ولا تقولن إني أفعل ذلك إلا بمشيئة الله تعالى لأن قول القائل أنا أفعل ذلك إن شاء الله معناه لا أفعله إلا بمشيئة الله وهذا نهى تأديب من الله لنبيه حين قالت اليهود لقريش : سلوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وذي القرنين فسألوه فقال : ائتوني غداً أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه ﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ ﴾ [الكهف : ٢٤] أي مشيئة ربك وقل إن شاء الله ﴿ إِذَا نَسِيتَ ﴾ [الكهف : ٢٤] إذا فرط منك نسيان لذلك والمعنى إذا نسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر عن الحسن مادام في مجلس الذكر وعن ابن عباس رضي الله عنهما ولو بعد سنة وهذا محمول على تدارك التبرك بالاستثناء فأما الاستثناء المغير حكماً فلا يصح إلا متصلاً وحكى أنه بلغ المنصور أن أبا حنيفة رحمه الله خالف ابن عباس رضي الله عنهما في الاستثناء المنفصل فاستحضرة لينكر عليه فقال له أبو حنيفة هذا يرجع عليك إنك تأخذ البيعة بالأيمان أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك فاستحسن كلامه وأمر الطاعن فيه بإخراجه من عنده أو معناه واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء تشديداً في البعث على الاهتمام بها أوصل صلاة نسيتها إذا ذكرتها أو إذا نسيت شيئاً فاذكره ليذكرك المنسى ﴿ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لاقْرَبَ مِنْ هَـاذَا رَشَدًا ﴾ [الكهف : ٢٤] يعني إذا نسيت شيئاً فاذكر ربك، وذكر ربك عند نسيانه أن تقول عسى ربي أن يهديني لشيء آخر بدل هذا
٢١
المنسى أقرب منه رشداً وأدنى خيراً ومنفعه.
أن يهدين، إن ترن، أن يؤتين، أن تعلمن.
مكى في الحالين ووافقه أبو عمرو ومدني في الوصل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١
﴿ وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلَـاثَ مِا ئَةٍ سِنِينَ ﴾ يريد لبثهم فيه أحياء مضروباً على آذانهم هذه المدة وهو بيان لما أجمل في قوله : فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً وسنين عطف بيان لثلثمائة.
ثلثمائة سنين بالإضافة حمزة وعليّ على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز كقوله بالأخسرين أعمالاً ﴿ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف : ٢٥] أي تسع سنين لدلالة ما قبله عليه وتسعاً مفعول به لأن زاد تقتضي مفعولين فازداد يقتضى مفعولاً واحداً ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوْا ﴾ [الكهف : ٢٦] أي هو أعلم من الذين اختلفوا فيهم بمدة لبثهم والحق ما أخبرك به أو هو حكاية لكلام أهل الكتاب وقل الله أعلم رد عليهم والجمهور على أن هذا إخبار من الله سبحانه وتعالى أنهم لبثوا في كهفهم كذا مدة ﴿ لَهُ غَيْبُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الكهف : ٢٦] ذكر اختصاصه بعلم ما غاب في السماوات والأرض وخفي فيها من أحوال أهلها ومن غيرها ﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾ [الكهف : ٢٦] أي وأسمع به والمعنى ما أبصره بكل موجود وما أسمعه لكل مسموع لأهل السموات والأرض ﴿ لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ ﴾ [الكهف : ٢٦] من متول لأمورهم ﴿ وَلا يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ ﴾ [الكهف : ٢٦] في قضائه ﴿ أَحَدًا ﴾ منهم، ولا تشرك على النهى شامي كانوا يقولون له ائت بقرآن غير هذا أو بدله فقيل له :
﴿ وَاتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ﴾ [الكهف : ٢٧] أي من القرآن ولا تسمع لما يهذون به من طلب التبديل فإنه ﴿ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـاتِهِ ﴾ [الكهف : ٢٧] أي لا يقدر أحد على تبديلها أو تغييرها إنما يقدر على ذلك هو وحده ﴿ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾ [الكهف : ٢٧] ملتجأ تعدل إليه إن هممت بذلك
٢٢
ولما قال : قوم من رؤساء الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم نح هؤلاء الموالى وهم صهيب وعمار وخباب وسلمان وغيرهم من فقراء المسلمين حتى نجالسك نزل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٢