مفسرة كقوله ﴿ وَانطَلَقَ الْمَلا مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا ﴾ [ص : ٦] يعني أي امشوا ﴿ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل : ٣١] مؤمنين أو منقادين وكتب الأنبياء مبنية على الإيجاز والاختصار
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٠٦
﴿ قَالَتْ يَـا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَفْتُونِى فِى أَمْرِى ﴾ أشيروا علي في الأمر الذي نزل بي.
والفتوى الجواب في الحادثة اشتقت على طريق الاستعارة من الفتاء في السن، والمراد هنا بالفتوى الإشارة عليها بما عندهم من الرأي، وقصدها بالرجوع إلى استشارتهم تطييب أنفسهم ليمالئوها ويقوموا معها ﴿ مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا ﴾ [النمل : ٣٢] فاصلة أو ممضية حكماً ﴿ حَتَّى تَشْهَدُونِ ﴾ [النمل : ٣٢] بكسر النون، والفتح لحن لأن النون إنما تفتح في موضع الرفع وهذا في موضع النصب، وأصله تشهدونني فحذفت النون الأولى للنصب والياء لدلالة الكسرة عليها.
وبالياء في الوصل والوقف : يعقوب أي تحضروني وتشيروني وتشهدوا أنه صواب أي لا أبت الأمر إلا بمحضركم.
وقيل : كان أهل مشورتها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً كل واحد على عشرة الاف.
﴿ قَالُوا ﴾ مجيبين لها ﴿ نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ أرادوا بالقوة قوة الأجساد والالات وبالبأس النجدة والبلاء في الحرب ﴿ وَالامْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾ [النمل : ٣٣] أي موكول إليك ونحن مطيعون لك فمرينا بأمرك نطعك ولا نخالفك كأنهم أشاروا عليها بالقتال، أو أرادوا نحن من أبناء الحرب لا من أبناء الرأي والمشورة وأنت ذات الرأي والتدبير فانظري ماذا ترين نتبع رأيك.
فلما أحست منهم الميل إلى المحاربة مالت إلى المصالحة ورتبت الجواب فزيفت أولاً ما ذكروه وأرتهم الخطأ فيه حيث ﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً ﴾ [النمل : ٣٤] عنوة وقهراً ﴿ أَفْسَدُوهَا ﴾ خربوها ﴿ وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً ﴾ [النمل : ٣٤] أذلوا أعزتها وأهانوا أشرافها وقتلوا وأسروا فذكرت لهم سوء عاقبة الحرب ثم قالت ﴿ وَكَذَالِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [النمل : ٣٤] أرادت وهذه عادتهم المستمرة التي
٣٠٧
لا تتغير لأنها كانت في بيت الملك القديم فسمعت نحو ذلك ورأت.
ثم ذكرت بعد ذلك حديث الهدية وما رأت من الرأي السديد.
وقيل : هو تصديق من الله لقولها، واحتج الساعي في الأرض بالفساد بهذه الآية.
ومن استباح حراماً فقد كفر، وإذا احتج له بالقرآن على وجه التحريف فقد جمع بين كفرين
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٠٧
﴿ وَإِنِّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ ﴾ [النمل : ٣٥] أي مرسلة رسلاً بهدية.


الصفحة التالية
Icon