يدر قومهم أين هم ولم يدروا ما فعل بقومهم، وعذب الله كلاً منهم في مكانه ونجى صالحاً عليه السلام ومن معه
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٤
﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَـاهُمْ ﴾ [النمل : ٥١] بفتح الألف : كوفي وسهل، وبكسرها : غيرهم على الاستئناف، ومن فتحه رفعه على أنه بدل من العاقبة، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي تدميرهم، أو نصبه على معنى لأنا أو على أنه خبر " كان " أي فكان عاقبة مكرهم الدمار ﴿ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل : ٥١] بالصيحة ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةَ ﴾ [النمل : ٥٢] ساقطة منهدمة من خوى النجم إذا سقط، أو خالية من الخواء، وهي حال عمل فيها ما دل عليه تلك ﴿ بِمَا ظَلَمُوا ﴾ [النمل : ٥٢] بظلمهم ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ ﴾ [السجدة : ٢٦] فيما فعل بثمود ﴿ لايَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل : ٥٢] قدرتنا فيتعظون ﴿ وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [النمل : ٥٣] بصالح ﴿ وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس : ٦٣] ترك أوامره وكانوا أربعة الاف نجواً مع صالح من العذاب.
﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ ﴾ [الأعراف : ٨٠] واذكر لوطاً، وإذ بدل من لوطاً أي واذكر وقت قول لوط ﴿ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَـاحِشَةَ ﴾ [الأعراف : ٨٠] أي إتيان الذكور ﴿ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الأنبياء : ٣] تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا إليها من بصر القلب، أو يرى ذلك بعضهم من بعض لأنهم كانوا يرتكبونها في ناديهم معالنين بها لا يتستر بعضهم من بعض مجانة وانهماكاً في المعصية، أو تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم.
ثم صرح فقال ﴿ أَاـاِنَّكُمْ ﴾ بهمزتين : كوفي وشامي ﴿ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً ﴾ [الأعراف : ٨١] للشهوة ﴿ مِّن دُونِ النِّسَآءِ ﴾ [الأعراف : ٨١] أي إن الله تعالى إنما خلق الأنثى للذكر ولم يخلق الذكر للذكر ولا الأنثى للأنثى فهي مضادة لله في حكمته ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النمل : ٥٥] تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك، أو أريد بالجهل السفاهة والمجانة التي كانوا عليها.
وقد اجتمع الخطاب والغيبة في قوله بل أنتم قوم تجهلون و بل أنتم قوم تفتنون فغلب الخطاب على الغيبة لأنه أقوى إذ الأصل أن يكون الكلام بين الحاضرين.
٣١٥
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٥
﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا ءَالَ لُوطٍ ﴾ [النمل : ٥٦] أي لوطاً ومتبعيه فخبر " كان " جواب واسمه أن قالوا ﴿ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [الأعراف : ٨٢] يتنزهون عن القاذورات ينكرون هذا العمل القذر ويغيظنا إنكارهم.
وقيل : هو استهزاء كقوله ﴿ إِنَّكَ لانتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود : ٨٧] ﴿ فَأَنجَيْنَـاهُ ﴾ فخلصناه من العذاب الواقع بالقوم ﴿ وَأَهْلَهُا إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَـاهَا ﴾ [النمل : ٥٧] بالتشديد سوى حماد وأبي بكر أي قدرنا كونها ﴿ مِنَ الْغَـابِرِينَ ﴾ [الأعراف : ٨٣] من الباقين في العذاب ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ﴾ [الأعراف : ٨٤] حجارة مكتوباً عليها اسم صاحبها ﴿ فَسَآءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ﴾ [الشعراء : ١٧٣] الذين لم يقبلوا الإنذار.


الصفحة التالية
Icon