روي أن شعيباً كانت عنده عصيّ الأنبياء عليهم السلام فقال لموسى بالليل : أدخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصي فأخذ عصا هبط بها آدم من الجنة، ولم يزل الأنبياء عليهم السلام يتوارثونها حتى وقعت إلى شعيب فمسها وكان مكفوفاً فضن بها فقال : خذ غيرهما فما وقع في يده إلا هي سبع مرات فعلم أن له شأناً.
ولما أصبح قال له شعيب : إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك فإن الكلأ وإن كان بها أكثر إلا أن فيها تنيناً أخشاه عليك وعلى الغنم، فأخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفها فمشى على أثرها فإذا عشب وريف لم ير مثله فنام فإذا التنين
٣٣٨
قد أقبل فحاربته العصا حتى قتلته وعادت إلى جنب موسى دامية، فلما أبصرها دامية والتنين مقتولاً ارتاح لذلك.
ولما رجع إلى شعيب مس الغنم فوجدها ملأى البطون غزيرة اللبن فأخبره موسى ففرح وعلم أن لموسى والعصا شأناً وقال له : إني وهبت لك من نتاج غنمي هذا العام كل أدرع ودرعاء فأوحي إليه في المنام أن أضرب بعصاك مستقى الغنم ففعل ثم سقى فوضعت كلهن أدرع ودرعاء فوفى له بشرطه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٣٨
﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الاجَلَ ﴾ [القصص : ٢٩] قال عليه السلام " قضى أوفاهما وتزوج صغراهما " وهذا بخلاف الرواية التي مرت ﴿ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ﴾ [القصص : ٢٩] بامرأته نحو مصر.
قال ابن عطاء : لما تم أجل المحنة ودنا أيام الزلفة وظهرت أنوار النبوة سار بأهله ليشتركوا معه في لطائف صنع ربه ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الاجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءَانَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لاهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى ﴾ [القصص : ٢٩] عن الطريق لأنه قد ضل الطريق ﴿ فَلَمَّآ أَتَـاـاهَا نُودِىَ مِن شَـاطِى ِ الْوَادِ الايْمَنِ ﴾ بالنسبة إلى موسى ﴿ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَـارَكَةِ ﴾ [القصص : ٣٠] بتكليم الله تعالى فيها ﴿ مِنَ الشَّجَرَةِ ﴾ [القصص : ٣٠] العناب أو العوسج ﴿ بِـاَالِهَتِنَا يَـاإِبْرَاهِيمُ ﴾ [الصافات : ١٠٤-٩] " أن " مفسرة أو مخففة من الثقيلة ﴿ إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [القصص : ٣٠] قال جعفر : أبصر ناراً دلته على الأنوار لأنه رأى النور في هيئة النار، فلما دنا منها شملته أنوار القدس وأحاطت به جلابيب الأنس فخوطب بألطف خطاب واستدعى منه أحسن جواب فصار بذلك مكلماً شريفاً أعطى ما سأل وأمن مما خاف، والجذوة باللغات الثلاث وقريء بهن، فعاصم بفتح الجيم، وحمزة وخلف بضمها، وغيرهم بكسرها.
العود الغليظ كانت في رأسه نار أو لم تكن، و " من " الأولى والثانية لابتداء الغاية أي أتاه النداء من شاطيء الوادي من قبل الشجرة.
و من الشجرة بدل من
٣٣٩
شاطىء الواد بدل الاشتمال لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطىء أي الجانب
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٣٩
﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾ [القصص : ٣١] ونودي أن ألق عصاك فألقاها فقلبها الله ثعباناً ﴿ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ ﴾ [النمل : ١٠] تتحرك ﴿ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾ [النمل : ١٠] حية في سعيها وهي ثعبان في جثتها ﴿ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾ [النمل : ١٠] يرجع فقيل له ﴿ يَـامُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الامِنِينَ ﴾ [القصص : ٣١] أي أمنت من أن ينالك مكروه من الحية ﴿ اسْلُكْ ﴾ أدخل ﴿ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ ﴾ [النمل : ١٢] جيب قميصك ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ ﴾ [طه : ٢٢] لها شعاع كشعاع الشمس ﴿ مِنْ غَيْرِ سُواءٍ ﴾ [طه : ٢٢] برص.