يدلون على سبيل الرشاد.
وفيه دلالة خلق أفعال العباد ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَـامَةِ لا يُنصَرُونَ ﴾ [القصص : ٤١] من العذاب
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٣
﴿ وَأَتْبَعْنَـاهُمْ فِى هَـاذِهِ ﴾ ألزمناهم طرداً وإبعاداً عن الرحمة.
وقيل : هو ما يلحقهم من لعن الناس إياهم بعدهم ﴿ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَـامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴾ [القصص : ٤٢] المطرودين المبعدين أو المهلكين المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون ويوم ظرف لـ المقبوحين ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَـابَ ﴾ [هود : ١١٠] التوراة ﴿ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاولَى ﴾ [القصص : ٤٣] قوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام ﴿ بَصَآ ـاِرَ لِلنَّاسِ ﴾ [القصص : ٤٣] حال من ﴿ الْكِتَـابُ ﴾ والبصيرة نور القلب الذي يبصر به الرشد والسعادة كما أن البصر نور العين الذي يبصر به الأجساد.
يريد اتيناه التوراة أنواراً للقلوب لأنها كانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقاً من باطل ﴿ وَهُدًى ﴾ وإرشاداً لأنهم كانوا يخبطون في ضلال ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لمن اتبعها لأنهم إذا عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [البقرة : ٢٢١] يتعظون.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٤
﴿ وَمَا كُنتَ ﴾ [القصص : ٤٦] يا محمد ﴿ بِجَانِبِ ﴾ الجبل ﴿ الْغَرْبِىِّ ﴾ وهو المكان الواقع في شق الغرب وهو الذي وقع فيه ميقات موسى ﴿ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَى مُوسَى الامْرَ ﴾ [القصص : ٤٤] أي كلمناه وقربناه نجياً ﴿ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّـاهِدِينَ ﴾ [القصص : ٤٤] من جملة الشاهدين للوحي إليه حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته ﴿ وَلَـاكِنَّآ أَنشَأْنَا ﴾ [القصص : ٤٥] بعد موسى ﴿ قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ﴾ [القصص : ٤٥] أي طالت أعمارهم وفترت النبوة وكادت الأخبار تخفى واندرست العلوم ووقع التحريف في كثير منها، فأرسلناك مجدداً لتلك الأخبار مبيناً ما وقع فيه التحريف، وأعطيناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى كأنه قال : وما كنت شاهداً لموسى وما جرى
٣٤٤
عليه ولكنا أوحيناه إليك، فذكر سبب الوحي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب اختصاراً فإذا هذا الاستدراك شبيه الاستدراكين بعده ﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا ﴾ [القصص : ٤٥] مقيماً ﴿ فِى أَهْلِ مَدْيَنَ ﴾ [القصص : ٤٥] وهم شعيب والمؤمنون به ﴿ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَـاتِنَا ﴾ تقرؤها عليهم تعلماً منهم يريد الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه.
و ﴿ تَتْلُوا ﴾ في موضع نصب خبر ثانٍ أو حال من الضمير في ثاويا ﴿ وَلَـاكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [القصص : ٤٥] ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٤


الصفحة التالية
Icon