سوء عاقبة قوم كانوا في مثل حالهم بإنعام الله عليهم فلم يشكروا النعمة وقابلوها بالبطر فأهلكوا.
و كم نصب بـ أهلكنا ومعيشتها بحذف الجار وإيصال الفعل أي في معيشتها، والبطر سوء احتمال الغني وهو أن لا يحفظ حق الله فيه ﴿ فَتِلْكَ مَسَـاكِنُهُمْ ﴾ [القصص : ٥٨] منازلهم باقية الآثار يشاهدونها في الأسفار كبلاد ثمود وقوم شعيب وغيرهم ﴿ لَمْ تُسْكَن ﴾ [القصص : ٥٨] حال والعامل فيها الإشارة ﴿ مِّن بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلا ﴾ [القصص : ٥٨] من السكنى أي لم يسكنها إلا المسافر ومار الطريق يوماً أو ساعة ﴿ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص : ٥٨] لتلك المساكن من ساكنيها أي لا يملك التصرف فيها غيرنا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٨
﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى ﴾ [القصص : ٥٩] في كل وقت ﴿ حَتَّى يَبْعَثَ فِى أُمِّهَا ﴾ [القصص : ٥٩] وبكسر الهمزة : حمزة وعلي أي في القرية التي هي أمها أي أصلها ومعظمها ﴿ رَسُولا ﴾ لإلزام الحجة وقطع المعذرة أو وما كان في حكم الله وسابق قضائه أن يهلك القرى في الأرض حتى يبعث في أم القرى يعني مكة لأن الأرض دحيت من تحتها رسولاً، يعني محمداً عليه السلام ﴿ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَـاتِهِ ﴾ أي القرآن ﴿ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَـالِمُونَ ﴾ [القصص : ٥٩] أي وما أهلكناهم للانتقام إلا وأهلها مستحقون العذاب بظلمهم وهو إصرارهم على كفرهم وعنادهم ومكابرتهم بعد الاعذار إليهم ﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَىْءٍ فَمَتَـاعُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ﴾ [القصص : ٦٠] وأي شيء أصبتموه من أسباب الدنيا فما هو إلا تمتع وزينة أياماً قلائل وهي مدة الحياة الفانية ﴿ وَمَا عِندَ اللَّهِ ﴾ [النحل : ٩٦] وهو ثوابه ﴿ خَيْرٍ ﴾ في نفسه من ذلك ﴿ وَأَبْقَى ﴾ لأنه دائم ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ٤٤] أن الباقي خير من الفاني.
وخيّر أبو عمرو بين الياء والتاء والباقون بالتاء لا غير.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما.
إن الله تعالى خلق الدنيا وجعل أهلها ثلاثة أصناف : المؤمن والمنافق والكافر.
فالمؤمن يتزود، والمنافق يتزين، والكافر يتمتع.
ثم قرر هذه الآية بقوله :
﴿ أَفَمَن وَعَدْنَـاهُ وَعْدًا حَسَنًا ﴾ [القصص : ٦١] أي الجنة فلا شيء أحسن منها لأنها دائمة ولذا سميت الجنة بالحسنى ﴿ فَهُوَ لَـاقِيهِ ﴾ [القصص : ٦١] أي رائيه ومدركه ومصيبه
٣٤٩
﴿ كَمَن مَّتَّعْنَـاهُ مَتَـاعَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [القصص : ٦١] من الذين أحضروا النار ونحوه فكذبوه فإنهم لمحضرون.
نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبي جهل لعنه الله، أو في علي وحمزة وأبي جهل، أو في المؤمن والكافر، ومعنى الفاء الأولى أنه لما ذكر التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وما عند الله عقبه بقوله أفمن وعدناه أي أبعد هذا التفاوت الجلي يسوي بين أبناء الدنيا وأبناء الآخرة، والفاء الثانية للتسبيب لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد.
و " ثم " لتراخي حال الإحضار عن حال التمتع ثم هو عليّ كما قيل عضدّ في عضد شبه المنفصل بالمتصل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٩


الصفحة التالية
Icon