﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ ﴾ [القصص : ٧٩] في الحمرة والصفرة.
وقيل : خرج يوم السبت على بغلة شهباء عليها الأرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة الاف على زيه.
وقيل : عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر وعن يمينه ثلثمائة غلام وعن يساره ثلثمائة جارية بيض عليهن الحليّ والديباج.
و ﴿ فِى زِينَتِهِ ﴾ [القصص : ٧٩] حال من فاعل خرج أي متزيناً ﴿ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص : ٧٩] قيل : كانوا مسلمين وإنما تمنوا على سبيل الرغبة
٣٥٥
في اليسار كعادة البشر.
وقيل : كانوا كفاراً ﴿ يَـالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَـارُونُ ﴾ [القصص : ٧٩] قالوه غبطة والغابط هو الذي يتمنى مثل نعمة صاحبه من غير أن تزول عنه كهذه الآية، والحاسد هو الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له دونه وهو كقوله تعالى ؛ ﴿ وَلا تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء : ٣٢].
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : هل تضر الغبطة؟ قال : لا إلا كما يضر العضاه الخبط ﴿ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [القصص : ٧٩] الحظ الجد وهو البخت والدولة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٥
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [الروم : ٥٦] بالثواب والعقاب وفناء الدنيا وبقاء العقبى لغابطي قارون ﴿ وَيْلَكُمْ ﴾ أصل ويلك الدعاء بالهلاك ثم استعمل في الزجر والردع والبعث على ترك ما لا يرضى، وفي " التبيان في إعراب القرآن " هو مفعول فعل محذوف أي ألزمكم الله ويلكم ﴿ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـالِحًا وَلا يُلَقَّـاـاهَآ ﴾ [القصص : ٨٠] أي لا يلقن هذه الكلمة وهي ثواب الله خير ﴿ إِلا الصَّـابِرُونَ ﴾ [القصص : ٨٠] على الطاعات وعن الشهوات وزينة الدنيا وعلى ما قسم الله من القليل عن الكثير.
﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الارْضَ ﴾ [القصص : ٨١] كان قارون يؤذي موسى عليه السلام كل وقت وهو يداريه للقرابة التي بينهما حتى نزلت الزكاة، فصالحه عن كل ألف دينار على دينار، وعن كل ألف درهم على درهم فحسبه فاسكثره فشحت به نفسه فجمع بني إسرائيل وقال : إن موسى يريد أن يأخذ أموالكم فقالوا : أنت كبيرنا فمر بما شئت قال : نبرطل فلانة البغي حتى ترميه بنفسها فترفضه بنو إسرائيل، فجعل لها ألف دينار أوطستاً من ذهب أو حكمها، فلما كان يوم عيد قام موسى فقال : يا بني إسرائيل من سرق قطعناه ومن افترى جلدناه ومن زنى وهو غير محصن جلدناه وإن أحصن رجمناه.
فقال قارون : وإن كنت أنت؟ قال : وإن كنت أنا.
قال : فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأحضرت فناشدها بالذي فلق البحر وأنزل
٣٥٦
التوراة أن تصدق فقالت : جعل لي قارون جعلاً على أن أقذفك بنفسي فخر موسى ساجداً يبكي وقال : يا رب إن كنت رسولك فاغضب لي، فأوحى الله إليه أن مر الأرض بما شئت فإنها مطيعة لك.
فقال : يا بني إسرائيل إن الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليلزم مكانه ومن كان معي فليعتزل.
فاعتزلوا جميعاً غير رجلين ثم قال : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الركب، ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى الأوساط، ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى الأعناق، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى ويناشدونه بالله والرحم وموسى لا يلتفت إليهم لشدة غضبه ثم قال : خذيهم فانطبقت عليهم فقال الله تعالى : استغاث بك مراراً فلم ترحمه فوعزتي لو استرحمني مرة لرحمته، فقال بعض بني إسرائيل : إنما أهلكه ليرث ماله فدعا الله حتى خسف بداره وكنوزه ﴿ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ ﴾ [القصص : ٨١] جماعة ﴿ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [الكهف : ٤٣] يمنعونه من عذاب الله ﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ ﴾ [القصص : ٨١] من المنتقمين من موسى أو من الممتنعين من عذاب الله.
يقال : نصره من عدوه فانتصره أي منعه منه فامتنع.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٦