بي شيئاً لا يصح أن يكون إلهاً ﴿ فَلا تُطِعْهُمَآ ﴾ [لقمان : ١٥] في ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ﴿ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ ﴾ [آل عمران : ٥٥] مرجع من آمن منكم ومن أشرك ﴿ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت : ٨] فأجازيكم حق جزائكم، وفي ذكر المرجع والوعيد تحذير من متابعتهما على الشرك وحث على الثبات والاستقامة في الدين.
روي أن سعد بن أبي وقاص لما أسلم نذرت أمه أن لا تأكل ولا تشرب حتى يرتد فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فنزلت هذه الآية، والتي في " لقمان " والتي في " الأحقاف "
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٢
﴿ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ ﴾ [البقرة : ٨٢] هو مبتدأ والخبر ﴿ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الصَّـالِحِينَ ﴾ [العنكبوت : ٩] في جملتهم.
والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمني الأنبياء عليهم السلام قال سليمان عليه السلام ﴿ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّـالِحِينَ ﴾ [النمل : ١٩] وقال يوسف عليه السلام ﴿ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّـالِحِينَ ﴾ [يوسف : ١٠١] أو في مدخل الصالحين وهو الجنة.
ونزلت في المنافقين ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللَّهِ ﴾ [العنكبوت : ١٠] أي إذا مسه أذى من الكفار ﴿ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ﴾ [العنكبوت : ١٠] أي جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله تعالى ﴿ وَلَـاـاِن جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ﴾ [العنكبوت : ١٠] أي وإذا نصر الله المؤمنين وغنمهم اعترضوهم وقالوا : إنا كنا معكم أي متابعين لكم في دينكم ثابتين عليه بثباتكم فأعطونا نصيبنا من الغنم ﴿ أَوَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ الْعَـالَمِينَ ﴾ [العنكبوت : ١٠] أي هو أعلم بما في صدور العالمين من العالمين بما في صدورهم ومن ذلك ما في صدور هؤلاء من النفاق وما في صدور المؤمنين من الإخلاص، ثم وعد المؤمنين وأوعد المنافقين بقوله
٣٦٣
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٣
﴿ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَـافِقِينَ ﴾ [العنكبوت : ١١] أي حالهما ظاهرة عند من يملك الجزاء عليهما ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَـايَـاكُمْ ﴾ [العنكبوت : ١٢] أمروهم باتباع سبيلهم وهي طريقتهم التي كانوا عليها في دينهم، وأمروا أنفسهم بحمل خطاياهم فعطف الأمر على الأمر وأرادوا ليجتمع هذان الأمران في الحصول أن تتبعوا سبيلنا وأن نحمل خطاياكم.
والمعنى تعليق الحمل بالاتباع أي إن تتبعوا سبيلنا حملنا خطاياكم، وهذا قول صناديد قريش كانوا يقولون لمن آمن منهم : لا نبعث نحن ولا أنتم، فإن كان ذلك فإنا نتحمل عنكم الإثم ﴿ وَمَا هُم بِحَـامِلِينَ مِنْ خَطَـايَـاهُم مِّن شَىْءٍ إِنَّهُمْ لَكَـاذِبُونَ ﴾ [العنكبوت : ١٢] لأنهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه كالكاذبين الذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نية الخلف.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٤