﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِـاَايَـاتِ اللَّهِ ﴾ [الزمر : ٦٣] بدلائله على وحدانيته وكتبه ومعجزاته ﴿ وَلِقَآ ـاِهِ أؤلئك يَـاـاِسُوا مِن رَّحْمَتِى ﴾ [العنكبوت : ٢٣] جنتي ﴿ وَأُوالَـائكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ ﴾ قوم إبراهيم حين دعاهم إلى الإيمان ﴿ إِلا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ ﴾ [العنكبوت : ٢٤] قال بعضهم لبعض أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين فكانوا جميعاً في حكم القائلين فاتفقوا على تحريقه ﴿ فَأَنجَـاـاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ﴾ [العنكبوت : ٢٤] حين قذفوه فيها ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ ﴾ [السجدة : ٢٦] فيما فعلوا به وفعلنا ﴿ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام : ٩٩] روي أنه لم ينتفع في ذلك اليوم بالنار يعني يوم ألقي إبراهيم في النار وذلك لذهاب حرها.
﴿ وَقَالَ ﴾ إبراهيم لقومه ﴿ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَـانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ حمزة وحفص، مودةً بينكم مدني وشامي وحماد ويحي وخلف مودة بينكم مكي وبصري وعلي، مودةٌ بينكم الشمني والبرجمي، النصب على وجهين على التعليل أي لتتوادوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها واتفاقكم عليها كما يتفق الناس على مذهب فيكون ذلك سبب تحابهم وأن يكون مفعولاً ثانياً كقوله ﴿ اتَّخَذَ إِلَـاهَهُ هَوَاـاهُ ﴾ [الفرقان : ٤٣] و " ما " كافة أي اتخذتم الأوثان سبب المودة بينكم على تقدير حذف المضاف، أو اتخذتموها مودة بينكم أي مودة بينكم كقوله :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٦٥] وفي الرفع وجهان : أن
٣٦٨
كون خبراً لـ إن و " ما " موصولة، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي مودة بينكم، والمعنى أن الأوثان مودة بينكم أي مودودة أو سبب مودة.
ومن أضاف المودة جعل بينكم اسماً لا ظرفاً كقوله ﴿ شَهَـادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ [المائدة : ١٠٦] ومن نوّن مودة ونصب بينكم فعلى الظرف ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ ﴾ [العنكبوت : ٢٥] تتبرأ الأصنام من عابديها ﴿ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا ﴾ [العنكبوت : ٢٥] أي يوم القيامة يقوم بينكم التلاعن فيلعن الأتباع القادة.
﴿ وَمَأْوَاـاكُمُ النَّارُ ﴾ [العنكبوت : ٢٥] أي مأوى العابد والمعبود والتابع والمتبوع ﴿ وَمَا لَكُم مِّن نَّـاصِرِينَ ﴾ [العنكبوت : ٢٥] ثمة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٨
﴿ فَـاَامَنَ لَهُ ﴾ [العنكبوت : ٢٦] لإبراهيم عليه السلام ﴿ لُوطٌ ﴾ هو ابن أخي إبراهيم وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تحرقه ﴿ وَقَالَ ﴾ إبراهيم ﴿ إِنِّى مُهَاجِرٌ ﴾ [العنكبوت : ٢٦] من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى حران ثم منها إلى فلسطين وهي من برية الشام، ومن ثم قالوا : لكل نبي هجرة ولإبراهيم هجرتان.
وكان معه في هجرته لوط وسارة وقد تزوجها إبراهيم ﴿ إِلَى رَبِّى ﴾ [فصلت : ٥٠] إلى حيث أمرني ربي بالهجرة إليه ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ ﴾ [العنكبوت : ٢٦] الذي يمنعني من أعدائي ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ الذي لا يأمرني إلا بما هو خير ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُا إِسْحَـاقَ ﴾ [الأنعام : ٨٤] ولداً ﴿ وَيَعْقُوبَ ﴾ ولد ولد ولم يذكر إسماعيل لشهرته ﴿ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ ﴾ [العنكبوت : ٢٧] أي في ذرية إبراهيم فإنه شجرة الأنبياء ﴿ وَالْكِتَـابَ ﴾ والمراد به الجنس يعني التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ﴿ وَءَاتَيْنَـاهُ ﴾ أي إبراهيم ﴿ أَجْرَهُ ﴾ الثناء الحسن والصلاة عليه إلى آخر الدهر ومحبة أهل الملل له، أو هو بقاء ضيافته عند قبره وليس ذلك لغيره ﴿ فِى الدُّنْيَا ﴾ [يونس : ٧٠] فيه دليل على أنه تعالى قد يعطي الأجر في الدنيا ﴿ وَإِنَّهُ فِى الاخِرَةِ لَمِنَ الصَّـالِحِينَ ﴾ [البقرة : ١٣٠] أي من أهل الجنة : عن الحسن ﴿ وَلُوطًا ﴾ أي واذكر لوطاً ﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَـاحِشَةَ ﴾ [العنكبوت : ٢٨] الفعلة البالغة في القبح وهي اللواط ﴿ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَـالَمِينَ ﴾ [الأعراف : ٨٠]
٣٦٩
جملة مستأنفة مقررة لفحاشة تلك الفعلة كأن قائلاً قال : لم كانت فاحشة؟ فقيل : لأن أحداً قبلهم لم يقدم عليها، قالوا : لم ينزل ذكر على ذكر قبل قوم لوط
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٩


الصفحة التالية
Icon