﴿ وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَـاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الايَـاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ آية بغير ألف : مكي وكوفي غير حفص.
أرادوا هلا أنزل عليه آيات مثل الناقة والعصا ومائدة عيسى عليهم السلام ونحو ذلك ﴿ قُلْ إِنَّمَا الايَـاتُ عِندَ اللَّهِ ﴾ [الأنعام : ١٠٩] ينزل أيتها شاء ولست أملك شيئاً منها ﴿ وَإِنَّمَآ أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [العنكبوت : ٥٠] كلفت الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات وليس لي أن أقول أنزل على آية كذا دون آية كذا مع علمي أن المراد من الآيات ثبوت الدلالة والآيات كلها في حكم آية واحدة في ذلك ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [العنكبوت : ٥١] أي أولم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات إن كانوا طالبين للحق غير متعنتين هذا القرآن الذي تدوم تلاوته عليهم في كل مكان وزمان، فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول كما تزول كل آية بعد كونها، أو تكون في مكان دون مكان ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ ﴾ [السجدة : ٢٦] أي في مثل هذه الآية الموجودة في كل مكان وزمان إلى آخر الدهر ﴿ لَرَحْمَةً ﴾ لنعمة عظيمة ﴿ وَذِكْرَى ﴾ وتذكرة ﴿ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام : ٩٩] دون المتعنتين ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا ﴾ [العنكبوت : ٥٢] أي شاهداً بصدق ما أدعيه من الرسالة وأنزل القرآن علي وبتكذيبكم ﴿ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [العنكبوت : ٥٢] فهو مطلع على أمري وأمركم وعالم بحقي وباطلكم ﴿ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْبَـاطِلِ ﴾ [العنكبوت : ٥٢] باليهودية أو بالشرك إو بإبليس ﴿ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ ﴾ [العنكبوت : ٥٢] وآياته ﴿ أؤلئك هُمُ الْخَـاسِرُونَ ﴾ [البقرة : ٢٧] المغبونون في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان إلا أن الكلام ورد مورد الإنصاف كقوله ﴿ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ ﴾ [سبأ : ٢٤] وروي أن كعب ابن الأشرف وأصحابه قالوا : يا محمد من يشهد لك بأنك رسول الله فنزلت
٣٧٧
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٧٧
﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ﴾ [الحج : ٤٧] بقولهم ﴿ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ ﴾ الآية.
﴿ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾ [العنكبوت : ٥٣] وهو يوم القيامة أو يوم بدر أو وقت فنائهم باجالهم، والمعنى ولولا أجل قد سماه الله وبينه في اللوح لعذبهم والحكمة تقتضي تأخيره إلى ذلك الأجل المسمى ﴿ لَّجَآءَهُمُ الْعَذَابُ ﴾ [العنكبوت : ٥٣] عاجلاً ﴿ وَلَيَأْتِيَنَّهُم ﴾ العذاب عاجلاً أو ليأتينهم العذاب في الأجل المسمى ﴿ بَغْتَةً ﴾ فجأة ﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [الأعراف : ٩٥] بوقت مجيئه.
﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُ بِالْكَـافِرِينَ ﴾ [العنكبوت : ٥٤] أي ستحيط بهم ﴿ يَوْمَ يَغْشَـاـاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [العنكبوت : ٥٥] لقوله تعالى :﴿ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴾ [الزمر : ١٦].
ولا وقف على بالكافرين لأن يوم ظرف إحاطة النار بهم ﴿ وَيَقُولُ ﴾ بالياء : كوفي ونافع، وقوله ﴿ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت : ٥٥] أي جزاء أعمالكم.
﴿ يَـاعِبَادِىَ ﴾ وبسكون الياء : بصري وكوفي غير عاصم ﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ ﴾ وبفتح الياء : شامي يعني أن المؤمن إذا لم يتسهل له العبادة في بلد هو فيه ولم يتمش له أمر دينه فليهاجر عنه إلى بلد يقدر أنه فيه أسلم قلباً وأصبح ديناً وأكثر عبادة، والبقاع تتفاوت في ذلك تفاوتاً كثيراً.
وقالوا : لم نجد أعون على قهر النفس وأجمع للقلب وأحث على القناعة وأطرد للشيطان وأبعد من الفتن وأربط للأمر الديني من مكة حرسها الله تعالى.
وعن سهل : إذا ظهرت المعاصي والبدع في أرض فاخرجوا منها إلى أرض المطيعين.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم " من فر بدينه من أرض إلى
٣٧٨