جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٩
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة : ١٧٠] معناه أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم أي في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب.
﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُا إِلَى اللَّهِ ﴾ [لقمان : ٢٢] عدِّي هنا بـ " إلى "، وفي ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة : ١١٢] باللام فمعناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالماً لله أي خالصاً له، ومعناه مع " إلى " أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه والمراد التوكل عليه والتفويض إليه ﴿ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [لقمان : ٢٢] فيما يعمل ﴿ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ ﴾ [البقرة : ٢٥٦] تمسك وتعلق ﴿ بِالْعُرْوَةِ ﴾ هي ما يعلق به الشيء ﴿ الْوُثْقَى ﴾ تأنيث الأوثق مثل حال المتوكل بحال من أراد أن يتدلى من شاهق فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه ﴿ وَإِلَى اللَّهِ عَـاقِبَةُ الامُورِ ﴾ [لقمان : ٢٢] أي هي صائرة إليه فيجازي عليها ﴿ وَمَن كَفَرَ ﴾ [النور : ٥٥] ولم يسلم وجهه لله ﴿ فَلا يَحْزُنكَ كُفْرُهُا ﴾ [لقمان : ٢٣] من حزن، يحزنك نافع من أحزن أي لا يهمنك كفر من كفر ﴿ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ﴾ [لقمان : ٢٣]
٤١٠
فنعاقبهم على أعمالهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران : ١١٩] إن الله يعلم ما في صدور عباده فيفعل بهم على حسبه
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٠
﴿ نُمَتِّعُهُمْ ﴾ زماناً ﴿ قَلِيلا ﴾ بدنياهم ﴿ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ ﴾ [لقمان : ٢٤] نلجئهم ﴿ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [لقمان : ٢٤] شديد شبه إلزامهم التعذيب وإرهاقهم إياه باضطرار المضطر إلى الشيء، والغلظ مستعار من الأجرام الغليظة والمراد، الشدة والثقل على المعذب.
﴿ وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [لقمان : ٢٥] إلزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السماوات والأرض هو الله وحده، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر وأن لا يعبد معه غيره.
ثم قال ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل : ٧٥] أن ذلك يلزمهم وإذا نبهوا عليه لم يتنبهوا ﴿ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ ﴾ [لقمان : ٢٦] عن حمد الحامدين ﴿ الْحَمِيدِ ﴾ المستحق للحمد وإن لم يحمدوه.
قال المشركون : إن هذا أي الوحي كلام سينفذ فأعلم الله أن كلامه لا ينفذ بقوله ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِى الارْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَـامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَـاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان : ٢٧] والبحر بالنصب أبو عمرو ويعقوب عطفاً على اسم " أن " وهو " ما "، والرفع على محل " أن " ومعمولها أي ولو ثبت كون الأشجار أقلاماً وثبت البحر ممدوداً بسبعة أبحر، أو على الابتداء والواو للحال على معنى : ولو أن الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدوداً وقرىء يمدّه وكان مقتضى الكلام أن يقال : ولو أن الشجر أقلام والبحر مداد، لكن أغنى عن ذكر المداد قوله يمده لأنه من قولك " مد الدواة وأمدها " جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة وجعل الأبحر السبعة مملوءة مداداً فهي تصب فيه مدادها
٤١١
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١١