﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُم بِهِ ﴾ [الأحزاب : ٥] أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين جاهلين قبل ورود النهي ﴿ وَلَـاكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب : ٥] ولكن الإثم عليكم فيما تعمدتموه بعد النهي.
أولا إثم عليكم إذا قلتم لولد غيركم يا بني على سبيل الخطأ وسبق اللسان، ولكن إذا قلتموه متعمدين، و " ما " في موضع الجر عطف على " ما " الأولى، ويجوز أن يراد العفو عن الخطأ دون العمد على سبيل العموم ثم تناول
٤٢٨
لعمومه خطأ التبني وعمده.
وإذا وجد التبني فإن كان المتبني مجهول النسب وأصغر سناً منه ثبت نسبه منه وعتق إن كان عبداً له، وإن كان أكبر سناً منه لم يثبت النسب وعتق عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وأما المعروف النسب فلا يثبت نسبه بالتبني وعتق إن كان عبداً ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء : ٩٦] لا يؤاخذكم بالخطأ ويقبل التوبة من المتعمد.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٦
﴿ النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب : ٦] أي أحق بهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، فعليهم أن يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه، أو هو أولى بهم أي أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم كقوله ﴿ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (التوبة : ٨٢١) وفي قراءة ابن مسعود ﴿ النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُا أُمَّهَـاتُهُمْ وَأُوْلُوا الارْحَامِ ﴾ وقال مجاهد : كل نبي أبو أمته ولذلك صار المؤمنون إخوة لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أبوهم في الدين ﴿ وَأَزْوَاجُهُا أُمَّهَـاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب : ٦] في تحريم نكاحهن ووجوب تعظيمهن وهن فيما وراء ذلك كالإرث ونحوه كالأجنبيات ولهذا لم يتعد التحريم إلى بناتهن ﴿ وَأُوْلُوا الارْحَامِ ﴾ [الانفال : ٧٥] وذوو القرابات ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ﴾ [الأحزاب : ٦] في التوارث وكان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين وبالهجرة لا بالقرابة ثم نسخ ذلك وجعل التوارث بحق القرابة ﴿ فِي كِتَـابِ اللَّهِ ﴾ [الانفال : ٧٥] في حكمه وقضائه أو في اللوح المحفوظ أو فيما فرض الله ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَـاجِرِينَ ﴾ [الأحزاب : ٦] يجوز أن يكون بياناً لأولي الأرحام أي الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضاً من الأجانب، وأن يكون لابتداء الغاية أي أولو الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين أي الأنصار بحق الولاية في الدين ومن المهاجرين بحق الهجرة ﴿ إِلا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَآ ـاِكُم مَّعْرُوفًا ﴾ [الأحزاب : ٦] الاستثناء من خلاف الجنس أي لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفاً جائز وهو أن توصوا لمن أحببتم من هؤلاء بشيء فيكون ذلك بالوصية لا بالميراث.
وعدي ﴿ تَفْعَلُوا ﴾ بـ " إلى " لأنه في معنى تسدوا والمراد بالأولياء المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين ﴿ كَانَ ذَالِكَ فِى الْكِتَـابِ مَسْطُورًا ﴾ [الإسراء : ٥٨] أي التوارث بالأرحام كان مسطوراً في اللوح.
٤٢٩
﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّنَ مِيثَـاقَهُمْ ﴾ [
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢٦


الصفحة التالية
Icon