قبل المشرق بنو غطفان ﴿ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ ﴾ [الأحزاب : ١٠] من أسفل الوادي من قبل المغرب قريش ﴿ وَإِذْ زَاغَتِ الابْصَـارُ ﴾ [الأحزاب : ١٠] مالت عن سننها ومستوى نظرها حيرة، أو عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوها لشدة الروع ﴿ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ﴾ [الأحزاب : ١٠] الحنجرة رأس الغلصمة وهي منتهى الحلقوم، والحلقوم مدخل الطعام والشراب.
قالوا : إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع أو الغضب ربت وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة.
وقيل : هو مثل في اضطراب القلوب وإن لم تبلغ الحناجر حقيقة.
روي أن المسلمين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم.
هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر قال :" نعم قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا ".
﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾ [الأحزاب : ١٠] خطاب للذين آمنوا ومنهم الثبت القلوب والأقدام والضعاف القلوب الذين هم على حرف والمنافقون، فظن الأولون بالله أنه يبتليهم فخافوا الزلل وضعف الاحتمال، وأما الآخرون فظنوا بالله ما حكى عنهم.
قرأ أبو عمرو وحمزة بغير ألف في الوصل والوقف وهو القياس، وبالألف فيهما : مدني وشامي وأبو بكر إجراء للوصل مجرى الوقف، وبالألف في الوقف : مكي وعلي وحفص، ومثله ﴿ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا ﴾ [الأحزاب : ٦٦] و ﴿ السَّبِيلا ﴾ زادوها في الفاصلة كما زادها في القافية.
من قال :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٣٠
أقلي اللوم عاذل والعتابا وهن كلهن في الإمام بالألف ﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [الأحزاب : ١١] امتحنوا بالصبر على الإيمان ﴿ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب : ١١] وحركوا بالخوف تحريكاً بليغاً.
﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَـافِقُونَ ﴾ [الأحزاب : ١٢] عطف على الأول ﴿ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ [الانفال : ٤٩] قيل : هو وصف المنافقين بالواو كقوله :
إلى الملك القرم وابن الهمام
وليث الكتيبة في المزدحم
٤٣٢
وقيل : هم قوم لا بصيرة لهم في الدين كان المنافقون يستميلونهم بإدخال الشبه عليهم ﴿ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُا إِلا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب : ١٢] روي أن معتّب بن قشير حين رأى الأحزاب قال : يعدنا محمد فتح فارس والروم وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فرقاً ما هذا إلا وعد غرور ﴿ وَإِذْ قَالَت طَّآ ـاِفَةٌ مِّنْهُمْ ﴾ [الأحزاب : ١٣] من المنافقين وهم عبد الله بن أبي وأصحابه ﴿ يَـا أَهْلَ يَثْرِبَ ﴾ [الأحزاب : ١٣] هم أهل المدينة ﴿ لا مُقَامَ لَكُمْ ﴾ [الأحزاب : ١٣] وبضم الميم : حفص أي لا قرار لكم ههنا ولا مكان تقومون فيه أو تقيمون ﴿ فَارْجِعُوا ﴾ عن الإيمان إلى الكفر أو من عسكر رسول الله إلى المدينة ﴿ وَيَسْتَـاْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِىَّ ﴾ أي بنو حارثة ﴿ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾ [الأحزاب : ١٣] أي ذات عورة ﴿ وَمَا هِىَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا ﴾ [الأحزاب : ١٣] العورة الخلل والعورة ذات العورة وهي قراءة ابن عباس.
يقال : عور المكان عوراً إذا بدا منه خلل يخاف منه العدو والسارق، ويجوز أن يكون عورة تخفيف عورة اعتذروا أن بيوتهم عرضة للعدو والسارق لأنها غير محصنة فاستأذنوه ليحصنوها ثم يرجعوا إليه فأكذبهم الله بأنهم لا يخافون ذلك وإنما يريدون الفرار من القتال ﴿ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم ﴾ [الأحزاب : ١٤] المدينة أو بيوتهم من قولك " دخلت على فلا داره " ﴿ مِّنْ أَقْطَارِهَا ﴾ [
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٣٠
الأحزاب : ١٤] من جوانبها أي ولو دخلت هذه العساكر المتحزبة التي يفرون خوفاً منها مدينتهم أو بيوتهم من نواحيها كلها وانثالت على أهاليهم وأولاهم ناهبين سابين ﴿ ثُمَّ سُـاِلُوا ﴾ [الأحزاب : ١٤] عند ذلك القزع ﴿ الْفِتْنَةِ ﴾ أي الردة والرجعة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين ﴿ لاتَوْهَا ﴾ لأعطوها.
﴿ لاتَوْهَا ﴾ بلا مد : حجازي أي لجاءوها وفعلوها
٤٣٣


الصفحة التالية
Icon