الكهف : ٥٨] أي من رحمته ترك مؤاخذته أهل مكة عاجلاً مع فرط عداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ﴿ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ ﴾ [الكهف : ٥٨] وهم يوم بدر ﴿ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْاـاِلا ﴾ [الكهف : ٥٨] منجى ولا ملجأ يقال وآل إذا نجا ووأل إليه إذا لجأ إليه ﴿ وَتِلْكَ ﴾ مبتدأ ﴿ الْقُرَى ﴾ صفة لأن أسماء الإشارة توصف بأسماء
٣٢
الأجناس والخبر ﴿ أَهْلَكْنَـاهُمْ ﴾ أو تلك القرى نصب بإضمار أهلكنا على شريطة التفسير والمعنى وتلك أصحاب القرى أهلكناهم والمراد قوم نوح وعاد وثمود ﴿ لَمَّا ظَلَمُوا ﴾ [يونس : ١٣] مثل ظلم أهل مكة ﴿ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا ﴾ [الكهف : ٥٩] وضربنا لإهلاكهم وقتاً معلوماً لا يتأخرون عنه كما ضربنا لأهل مكة يوم بدر والمهلك الإهلاك ووقته.
وبفتح الميم وكسر اللام حفص وبفتحهما أبو بكر أي لوقت هلاكهم أو لهلاكهم والموعد وقت أو مصدر
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٢
﴿ وَإِذِ ﴾ واذكر إذ ﴿ قَالَ مُوسَى لِفَتَـاـاهُ ﴾ [الكهف : ٦٠] هو يوشع بن نون وإنما قيل فتاه لأنه كان يخدمه ويتبعه ويأخذ منه العلم ﴿ لا أَبْرَحُ ﴾ [الكهف : ٦٠] لا أزال وقد حذف الخبر لدلالة الحال والكلام عليه أما الأولى فلأنها كانت حال سفر وأما الثاني فلأن قوله :﴿ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ ﴾ [الكهف : ٦٠] غاية مضروبة تستدعى ما هي غاية له فلا بد أن يكون المعنى لا أبرح أسير حتى أبلغ مجمع البحرين وهو المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر عليهما السلام وهو ملتقى بحر فارس والروم وسمي خضراً لأنه أينما يصلي يخضر ما حوله ﴿ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا ﴾ [الكهف : ٦٠] أو أسير زماناً طويلاً قيل ثمانون سنة.
روي أنه لما ظهر موسى عليه السلام على مصر مع بنى إسرائيل واستقروا بها بعد هلاك القبط سأل ربه أي عبادك أحب إليك؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني قال : فأي عبادك أقضي؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال : فأي عبادك أعلم؟ قال : يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى، قال : إن كان في عبادك من هو أعلم مني فدلني عليه قال : أعلم منك الخضر قال : أين أطلبه قال : على الساحل عند الصخرة قال : يا رب كيف لي به قال : تأخذ حوتاً في مكتل فحيث فقدته فهو هناك فقال : لفتاه إذا فقدت الحوت فأخبرني فذهبا يمشيان فرقد موسى فاضطرب الحوت ووقع في البحر فلما جاء وقت الغداء طلب موسى الحوت فأخبره فتاه بوقوعه في البحر فأتيا الصخرة فإذا رجل مسجى بثوبه فسلم عليه موسى فقال وإني بأرضنا السلام فعرفه نفسه فقال : يا موسى أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا.
٣٣
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٣
﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا ﴾ [الكهف : ٦١] مجمع البحرين ﴿ نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾ [الكهف : ٦١] أي نسى أحدهما وهو يوشع لأنه كان صاحب الزاد دليله فإني نسيت الحوت وهو كقولهم نسوا زادهم وإنما ينساه متعهد الزاد قيل كان الحوت سمكة مملوحة فنزلا ليلة على شاطئ عين الحياة ونام موسى فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده عاشت ووقعت في الماء ﴿ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ ﴾ [الكهف : ٦١] أي اتخذ طريقاً له من البر إلى البحر ﴿ سَرَبًا ﴾ نصب على المصدر أي سرب فيه سرباً يعني دخل فيه واستر به ﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا ﴾ [الكهف : ٦٢] مجمع البحرين ثم نزلا وقد سارا ما شاء الله ﴿ قَالَ ﴾ موسى ﴿ لِفَتَـاـاهُ ءَاتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـاذَا نَصَبًا ﴾ [الكهف : ٦٢] تعبا ولم يتعب ولا جاع قبل ذلك ﴿ قَالَ أَرَءَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصَّخْرَةِ ﴾ [الكهف : ٦٣] هي موضع الموعد ﴿ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ ﴾ [الكهف : ٦٣] ثم اعتذر فقال :﴿ وَمَآ أَنسَـاـانِيهُ ﴾ [الكهف : ٦٣] وبضم الهاء حفص ﴿ إِلا الشَّيْطَـانُ ﴾ [الكهف : ٦٣] بإلقاء الخواطر في القلب ﴿ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾ [الكهف : ٦٣] بدل من الهاء في أنسانيه أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤


الصفحة التالية
Icon