﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾ [الكهف : ٦٣] وهو أن أثره بقي إلى حيث سار ﴿ قَالَ ذَالِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ﴾ [الكهف : ٦٤] نطلب وبالياء مكي وافقه أبو عمرو وعلي مدني في الوصل وبغيرياء فيهما غيرهما اتباعا لخط المصحف وذلك إشارة إلى اتخاذه سبيلاً أي ذلك الذي كنا نطلب لأن ذهاب الحوت كان علماً على لقاء الخضر عليه السلام ﴿ فَارْتَدَّا عَلَى ءَاثَارِهِمَا ﴾ [الكهف : ٦٤] فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه ﴿ قَصَصًا ﴾ يقصان قصصاً أي يتبعان آثارهما اتباعاً قال الزجاج : القصص اتباع الأثر ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ﴾ [الكهف : ٦٥] أي الخضر راقداً تحت ثوب أو جالساً في البحر ﴿ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَـاهُ ﴾ [الكهف : ٦٥] هي الوحي والنبوة أو العلم أو طول الحياة ﴿ وَعَلَّمْنَـاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف : ٦٥] يعني الإخبار بالغيوب وقيل العلم اللدني ما حصل للعبد بطريق الإلهام ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف : ٦٦] أي علماً ذا رشد
٣٤
أرشد به في ديني رشدا أبو عمرو وهما لغتان كالبخل والبخل وفيه دليل على أنه لا ينبغي لأحد أن يترك طلب العلم وإن كان قد بلغ نهايته وإن يتواضع لمن هو أعلم منه
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ ﴾ [الكهف : ٦٧] وبفتح الياء حفص وكذا ما بعده في هذه السورة ﴿ صَبْرًا ﴾ أي عن الإنكار والسؤال ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴾ [الكهف : ٦٨] تمييز نفى استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد وعلل ذلك بأنه يتولى أموراً هي في ظاهرها مناكير والرجل الصالح لا يتمالك أن يجزع إذا رأى ذلك فيكف إذا كان نبياً ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِى إِن شَآءَ اللَّهُ صَابِرًا ﴾ [الكهف : ٦٩] من الصابرين عن الإنكار والاعراض ﴿ وَلا أَعْصِى لَكَ أَمْرًا ﴾ [الكهف : ٦٩] في محل النصب عطف على صابراً أي ستجدني صابراً وغير عاص أو هو عطف على ستجدني ولا محل له ﴿ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلا ﴾ بفتح اللام وتشديد النون مدني وشامي وبسكون اللام وتخفيف النون غيرهما والياء ثابتة فيهما إجماعاً ﴿ تَسْـاَلْنِي عَن شَىءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ [الكهف : ٧٠] أي فمن شرط اتباعك لي أنك إذا رأيت مني شيئاً وقد علمت أنه صحيح إلا أنه خفي عليك وجه صحته فأنكرت في نفسك أن لا تفاتحني بالسؤال ولا تراجعني فيه حتى أكون أنا الفاتح عليك وهذا من أدب المتعلم مع العالم والمتبوع مع التابع ﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ﴾ [الكهف : ٧١] فانطلقا على ساحل البحر يطلبان السفينة فلما ركباها قال أهلها : هما من اللصوص وقال صاحب السفينة : أرى وجوه الأنبياء فحملوهما بغير نول فلما لججوا أخذ الخضر الفأس فخرق السفينة بأن قلع لوحين من ألواحها مما يلي الماء فجعل موسى يسد الخرق بثيابه ثم
٣٥
﴿ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ﴾ [الكهف : ٧١] ليَغرق حمزة وعلي من غرق ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شيئا إِمْرًا ﴾ [الكهف : ٧١] أتيت شيئاً عظيماً من أمر الأمر إذا عظم
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥