﴿ قَالَ ﴾ أي الخضر ﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ﴾ فلما رأى موسى أن الخرق لا يدخله الماء ولم يفر من السفينة ﴿ قَالَ لا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ ﴾ [الكهف : ٧٣] بالذي نسيته أو بشيء نسيته أو بنسياني أراد أنه نسى وصيته ولا مؤاخذة على الناسي أو أراد بالنسيان الترك أي لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة ﴿ وَلا تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا ﴾ [الكهف : ٧٣] رهقه إذا غشيه وأرهقه إياه أي ولا تغشني عسراً من أمري وهو اتباعه إياه أي ولا تعسر على متابعتك ويسرها على بالإغضاء وترك المناقشة ﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَـامًا فَقَتَلَهُ ﴾ [الكهف : ٧٤] قيل ضرب برأسه الحائط وقيل أضجعه ثم ذبحه بالسكين وإنما قال : فقتله بالفاء وقال : خرقها بغير فاء لأن خرقها جعل جزاء للشرط وجعل قتله من جملة الشرط معطوفاً عليه والجزاء ﴿ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا ﴾ [الكهف : ٧٤] وإنما خولف بينهما لأن خرق السفينة لم يتعقب الركوب وقد تعقب القتل لقاء الغلام ﴿ زَكِيَّةَ ﴾ زاكية حجازي وأبو عمرو وهي الطاهرة من الذنوب إما لأنها طاهرة عنده لأنه لم يرها قد أذنبت أو لأنها صغيرة لم يبلغ الحنث ﴿ بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [المائدة : ٣٢] أي لم تقتل نفساً فيقتص منها وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن نجدة الحروري كتب إليه كيف جاز قتله وقد نهى رسول صلى الله عليه وسلّم عن قتل الولدان فكتب إليه إن علمت من حال الولدان ما علمه موسى فلك أن تقتل ﴿ لَّقَدْ جِئْتَ شيئا نُّكْرًا ﴾ [الكهف : ٧٤] وبضم الكاف حيث كان مدني وأبو بكر وهو المنكر وقيل النكر أقل من الإمر لأن قتل نفس واحدة
٣٦
أهون من إغراق أهل السفنية أو معناه جئت شيئاً أنكر من الأول لأن الخرق يمكن تداركه بالسد ولا يمكن تدارك القتل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦
﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ﴾ [الكهف : ٧٥] زاد لك هنا لأن النكير فيه أكثر ﴿ قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَىْء بَعْدَهَا ﴾ [الكهف : ٧٦] بعد هذه الكرة أو المسألة ﴿ فَلا تُصَـاحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْرًا ﴾ [الكهف : ٧٦] أعذرت فيما بيني وبينك في الفراق.
ولدني بتخفيف النون مدني وأبو بكر ﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾ [الكهف : ٧٧] هي أنطاكية أو الأيلة وهي أبعد أرض الله من السماء ﴿ اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا ﴾ [الكهف : ٧٧] استضافاً ﴿ فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا ﴾ [الكهف : ٧٧] ضيفه أنزله وجعله ضيفه قال عليه السلام :" كانوا أهل قرية لئاماً " وقيل شر القرى التي تبخل بالقرى ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا ﴾ [الكهف : ٧٧] في القرية ﴿ جِدَارًا ﴾ طوله مائة ذراع ﴿ يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ ﴾ [الكهف : ٧٧] يكاد يسقط استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة كما استعير الهم والعزم لذلك ﴿ فَأَقَامَهُ ﴾ بيده أو مسحه بيده فقام واستوى أو نقضه وبناه كان الحال حال اضطرار وافتقار إلى المطعم وقد لزتهما الحاجة إلى آخر كسب المرء وهو المسائلة فلم يجدا مواسياً فلما أقام الجدار لم يتمالك موسى لما رآى من الحرمان ومساس الحاجة أن ﴿ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ [الكهف : ٧٧] أي لطلبت على عملك جعلا حتى تستدفع به الضرورة.
لتخذت بتخفيف التاء وكسر الخاء وإدغام الذال بصري وبإظهارها مكي وبتشديد التاء وفتح
٣٧
الخاء وإظهار الذال حفص وبتشديد التاء وفتح الخاء وإغام الذال في التاء غيرهم والتاء في تخذ أصل كما في تبع واتخذ افتعل منه كاتبع من تبع وليس من الأخذ في شيء
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٧


الصفحة التالية
Icon