القائمين بالطاعة ﴿ وَالْقَـانِتَـاتِ وَالصَّـادِقِينَ ﴾ [الأحزاب : ٣٥] في النيات والأقوال والأعمال ﴿ وَالصَّـادِقَـاتِ وَالصَّـابِرِينَ وَالصَّـابِرَاتِ ﴾ [الأحزاب : ٣٥] على الطاعات وعن السيئات ﴿ وَالْخَـاشِعِينَ ﴾ المتواضعين لله بالقلوب والجوارح أو الخائفين ﴿ وَالْخَـاشِعَـاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَـاتِ ﴾ [الأحزاب : ٣٥] فرضاً ونفلاً ﴿ وَالصَّـائِمِينَ وَالصَّـائِمَـاتِ ﴾ [الأحزاب : ٣٥] فرضاً ونفلاً.
وقيل : من تصدق في كل أسبوع بدرهم فهو من المتصدقين، ومن صام البيض من كل شهر فهو من الصائمين ﴿ وَالْحَـافِظِينَ فُرُوجَهُمْ ﴾ [الأحزاب : ٣٥] عما لا يحل ﴿ وَالْحَـافِظَـاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب : ٣٥] بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقراءة القرآن والاشتغال بالعلم من الذكر والمعنى والحافظات فروجهن والذاكرات الله فحذف لدلالة ما تقدم عليه.
والفرق بين عطف الإناث على الذكور وعطف الزوجين على الزوجين لأن الأول نظير قوله ﴿ ثَيِّبَـاتٍ وَأَبْكَارًا ﴾ [التحريم : ٥] (التحريم : ٥) في أنهما جنسان مختلفان واشتركا في حكم واحد فلم يكن بد من توسط العاطف بينهما، وأما الثاني فمن عطف الصفة على الصفة بحرف الجمع ومعناه أن الجامعين والجامعات لهذه الطاعات ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب : ٣٥] على طاعاتهم.
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلّم زينب بنت جحش بنت عمته أميمة على مولاه زيد بن حارثة فأبت وأبى أخوها عبد الله فنزلت ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ ﴾ [الأحزاب : ٣٦] أي وما صلح لرجل مؤمن ولا امرأة مؤمنة ﴿ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ [الأحزاب : ٣٦] أي رسول الله ﴿ أَمْرًا ﴾ من الأمور ﴿ أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب : ٣٦] أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعاً لرأيه واختيارهم تلوا لاختياره فقالا : رضينا يا رسول الله، فأنكحها إياه وساق عنه إليها مهرها.
وإنما جمع الضمير في
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٤٠
﴿ لَهُمْ ﴾ وإن كان من حقه أن يوحد لأن المذكورين وقعا
٤٤٢
تحت النفي فعما كل مؤمن ومؤمنة فرجع الضمير إلى المعنى لا إلى اللفظ.
و ﴿ يَكُونَ ﴾ بالياء : كوفي، والخيرة ما يتخير ودل ذلك على أن الأمر للوجوب ﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـالا مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب : ٣٦] فإن كان العصيان عصيان رد وامتناع عن القبول فهو ضلال وكفر، وإن كان عصيان فعل مع قبول الأمر واعتقاد الوجوب فهو ضلال خطأ وفسق.
﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] بالإسلام الذي هو أجل النعم ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] بالإعتاق والتبني فهو متقلب في نعمة الله ونعمة رسوله وهو زيد بن حارثة ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] زينب بنت جحش، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبصرها بعدما أنكحها إياه فوقعت في نفسه فقال : سبحان الله مقلب القلوب، وذلك أن نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : إني أريد أن أفارق صاحبتي، فقال : مالك أرابك منها شيء؟ قال : لا والله ما رأيت منها إلا خيراً ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني فقال له : أمسك عليك زوجك ﴿ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] فلا تطلقها.
وهو نهي تنزيه إذ الأولى أن لا يطلق أو واتق الله فلا تذمها بالنسبة إلى الكبر وأذى الزوج ﴿ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] أي تخفي في نفسك نكاحها إن طلقها زيد وهو الذي أبداه الله تعالى.
وقيل : الذي أخفى في نفسه تعلق قلبه بها ومودة مفارقة زيد إياها.
والواو في ﴿ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] ﴿ وَتَخْشَى النَّاسَ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] أي قالة الناس إنه نكح امرأة ابنه ﴿ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـاـاهُ ﴾ [الأحزاب : ٣٧] واو الحال أي تقول لزيد أمسك عليك زوجك مخفياً في نفسك إرادة أن لا يمسكها وتخفى خاشياً قالة الناس وتخشى الناس حقيقاً في ذلك بأن تخشى الله.
وعن عائشة رضي الله عنها : لو
٤٤٣


الصفحة التالية
Icon