سبأ : ٣] من مثقال ذرة ﴿ وَلا أَكْبَرَ ﴾ [يونس : ٦١] من مثقال ذرة ﴿ إِلا فِى كِتَـابٍ مُّبِينٍ ﴾ [الأنعام : ٥٩] إلا في اللوح المحفوظ، ﴿ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَالِكَ وَلا أَكْبَرُ ﴾ بالرفع عطف على ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [الزلزلة : ٧] ويكون " إلا " بمعنى لكن، أو رفعاً بالابتداء والخبر ﴿ فِي كِتَـابِ ﴾ [الانفال : ٧٥] واللام في ﴿ لِّيَجْزِىَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ أؤلئك لَهُم مَّغْفِرَةٌ ﴾ [سبأ : ٤] لما قصروا فيه من مدارج الإيمان ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الانفال : ٤] لما صبروا عليه من مناهج الإحسان متعلق بـ ﴿ لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ تعليلاً له.
﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْ فِى ءَايَـاتِنَا ﴾ [سبأ : ٥] جاهدوا في رد القرآن ﴿ مُعَـاجِزِينَ ﴾ مسابقين ظانين
٤٦٢
أنهم يفوتوننا.
﴿ مُعَـاجِزِينَ ﴾ مكي وأبو عمرو أي مثبطين الناس عن اتباعها وتأملها أو ناسبين الله إلى العجز ﴿ أؤلئك لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ ﴾ برفع ﴿ أَلِيمٌ ﴾ مكي وحفص ويعقوب صفة لعذاب أي عذاب أليم من سيء العذاب.
قال قتادة : الرجز سوء العذاب، وغيرهم بالجر صفة لرجز.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٦١
﴿ وَيَرَى ﴾ في موضع الرفع بالاستئناف أي ويعلم ﴿ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [سبأ : ٦] يعني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومن يطأ أعقابهم من أمته أو علماء أهل الكتاب الذين أسلموا كعبد الله بن سلام وأصحابه، والمفعول الأول لـ ﴿ يَرَى ﴾ ﴿ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ﴾ [سبأ : ٦] يعني القرآن ﴿ هُوَ الْحَقُّ ﴾ [النور : ٢٥] أي الصدق وهو فصل و ﴿ الْحَقِّ ﴾ مفعول ثانٍ أو في موضع النصب معطوف على ﴿ لِيَجْزِىَ ﴾ وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق علماً لا يزاد عليه في الإيقان ﴿ وَيَهْدِى ﴾ الله أو الذي أنزل إليك ﴿ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم : ١] وهو دين الله ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النمل : ٦٧] وقال قريش بعضهم لبعض ﴿ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ ﴾ [سبأ : ٧] يعنون محمداً صلى الله عليه وسلّم.
وإنما نكّروه مع أنه كان مشهوراً علماً في قريش وكان إنباؤه بالبعث شائعاً عندهم تجاهلاً به وبأمره وباب التجاهل في البلاغة وإلى سحرها ﴿ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [سبأ : ٧] أي يحدثكم بأعجوبة من الأعاجيب أنكم تبعثون وتنشئون خلقاً جديداً بعد أن تكونوا رفاتاً وتراباً ويمزق أجسادكم البلى كل ممزق أي يفرقكم كل تفريق، فالممزق مصدر بمعنى التمزيق، والعامل في ﴿ إِذَآ ﴾ ما دل عليه ﴿ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [سبأ : ٧] أي تبعثون، والجديد فعيل بمعنى فاعل عند البصريين تقول جد فهو جديد كقل فهو قليل ولا يجوز ﴿ إِنَّكُمْ ﴾ بالفتح للام في خبره ﴿ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف : ١٥] أهو مفترٍ على الله كذباً فيما ينسب إليه من ذلك
٤٦٣٠
والهمزة للاستفهام وهمزة الوصل حذفت استغناء عنها ﴿ أَم بِهِ جِنَّةُ ﴾ [سبأ : ٨] جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه ﴿ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاخِرَةِ فِى الْعَذَابِ وَالضَّلَـالِ الْبَعِيدِ ﴾ [سبأ : ٨] ثم قال سبحانه وتعالى : ليس محمد من الافتراء والجنون في شيء وهو مبرأ منهما بل هؤلاء القائلون الكافرون بالبعث واقعون في عذاب النار وفيما يؤديهم إليه من الضلال عن الحق وهم غافلون عن ذلك.
وذلك أجن الجنون، جعل وقوعهم في العذاب رسيلاً لوقوعهم في الضلال كأنهما كائنان في وقت واحد، لأن الضلال لما كان العذاب من لوازمه جعلا كأنهما مقترنان.
ووصف الضلال بالبعيد من الإسناد المجازي لأن بالبعيد من الإسناد المجازي لأن البعيد صفة الضال إذا بعد عن الجادة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٦١