فاطر : ١٨] أن الأول دال على عدل الله في حكمه وأن لا يؤاخذ نفساً بغير ذنبها، والثاني في بيان أنه لا غياث يومئذ لمن استغاث حتى إن نفساً قد أثقلتها الأوزار لودعت إلى أن يخفف بعض وقرها لم تجب ولم تغث وإن كان المدعو بعض قرابتها ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم ﴾ [فاطر : ١٨] أي إنما ينتفع بإنذارك هؤلاء ﴿ بِالْغَيْبِ ﴾ حال من الفاعل أو المفعول أي يخشون ربهم غائبين عن عذابه، أو يخشون عذابه غائباً عنهم.
وقيل : بالغيب في السر حيث لا اطلاع أي يخشون ربهم غائبين من عذابه، أو يخشون عذابه غائباً عنهم.
وقيل : بالغيب في السر حيث لا اطلاع للغير عليه ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ ﴾ [الأعراف : ١٧٠] في مواقيتها ﴿ وَمَن تَزَكَّى ﴾ [فاطر : ١٨] تطهر بفعل
٤٩١
الطاعات وترك المعاصي ﴿ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ﴾ [فاطر : ١٨] وهو اعتراض مؤكد لخشيتهم وإقامتهم الصلاة لأنهما من جملة التزكي ﴿ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران : ٢٨] المرجع وهو وعد للمتزكي الثواب.
﴿ وَمَا يَسْتَوِى الاعْمَى وَالْبَصِيرُ ﴾ [فاطر : ١٩] مثل للكافر والمؤمن أو للجاهل والعالم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٩٠
﴿ وَلا الظُّلُمَـاتُ ﴾ [فاطر : ٢٠] مثل للكفر ﴿ وَلا النُّورُ ﴾ [فاطر : ٢٠] للإيمان ﴿ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ ﴾ الحق والباطل أو الجنة والنار.
والحرور الريح الحار كالسموم إلا أن السموم تكون بالنهار والحرور بالليل والنهار.
عن الفراء ﴿ وَمَا يَسْتَوِى الاحْيَآءُ وَلا الامْوَاتُ ﴾ [فاطر : ٢٢] مثل للذين دخلوا في الإسلام والذين لم يدخلوا فيه وزيادة.
" لا " لتأكيد معنى النفي.
والفرق بين هذه الواوات أن بعضها ضمت شفعاً إلى شفع وبعضها وتراً إلى وتر ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ ﴾ [فاطر : ٢٢] يعني أنه قد علم من يدخل في الإسلام ممن لا يدخل فيه فيهدي من يشاء هدايته، وأما أنت فخفي عليك أمرهم فلذلك تحرص على إسلام قوم مخذولين.
شبه الكفار بالموتى حيث لا ينتفعون بمسموعهم ﴿ إِنْ أَنتَ إِلا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر : ٢٣] أي ما عليك إلا أن تبلغ وتنذر فإن كان المنذر ممن يسمع الإنذار نفع وإن كان من المصرين فلا عليك ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَـاكَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة : ١١٩] حال من أحد الضميرين يعني محقاً أو محقين أو صفة للمصدر أي إرسالاً مصحوباً بالحق ﴿ بَشِيرًا ﴾ بالوعد ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ بالوعيد ﴿ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ ﴾ [فاطر : ٢٤] وما من أمة قبل أمتك.
والأمة : الجماعة الكثيرة وجد عليه أمة من الناس ويقال لأهل كل عصر أمة، والمراد هنا أهل العصر وقد كانت آثار النذارة باقية فيما
٤٩٢
بين عيسى ومحمد عليهما السلام فلم تخل تلك الأمم من نذير، وحين اندرست آثار نذارة عيسى عليه السلام بعث محمد عليه السلام ﴿ إِلا خَلا ﴾ [فاطر : ٢٤] مضى ﴿ فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر : ٢٤] يخوفهم وخامة الطغيان وسوء عاقبة الكفران، واكتفى بالنذير عن البشير في آخر الآية بعدما ذكرهما لأن النذارة مشفوعة بالبشارة فدل ذكر النذارة على ذكر البشارة.
﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ [فاطر : ٢٥] رسلهم ﴿ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم ﴾ [غافر : ٨٣] حال و " قد " مضمرة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٩٠


الصفحة التالية
Icon