﴿ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ﴾ [فاطر : ٣٠] بتفسيح القبور أو بتشفيعهم فيمن أحسن إليهم أو بتضعيف حسناتهم أو بتحقيق وعد لقائه.
أو ﴿ يَرْجُونَ ﴾ في موضع الحال أي راجين.
واللام في ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ ﴾ تتعلق بـ ﴿ يَتْلُونَ ﴾ وما بعده أي فعلوا جميع ذلك من التلاوة وإقامة الصلاة والإنفاق لهذا الغرض وخبر " إنّ " ﴿ إِنَّهُ غَفُورٌ ﴾ [فاطر : ٣٠] لفرطاتهم ﴿ شَكُورٌ ﴾ أي غفورٌ لهم شكور لأعمالهم أي يعطي الجزيل على العمل القليل ﴿ وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَـابِ ﴾ [فاطر : ٣١] أي القرآن.
و " من " للتبيين ﴿ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا ﴾ [فاطر : ٣١] حال مؤكدة لأن الحق لا ينفك عن هذا التصديق ﴿ لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [فاطر : ٣١] لما تقدمه من الكتب ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرُ بَصِيرٌ ﴾ [فاطر : ٣١] فعلمك وأبصر أحوالك ورآك أهلاً لأن يوحي إليك مثل هذا الكتاب المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب.
﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـابَ ﴾ [فاطر : ٣٢] أي أوحينا إليك القرآن ثم أورثناه من بعدك أي حكمنا بتوريثه ﴿ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [فاطر : ٣٢] وهم أمته من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم إلى يوم القيامة لأن الله اصطفاهم على سائر الأمم وجعلهم أمة وسطاً ليكونوا شهداء على الناس، واختصهم بكرامة الإنتماء إلى أفضل رسله.
ثم رتبهم على مراتب فقال ﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ﴾ [فاطر : ٣٢] وهو المرجأ لأمر الله ﴿ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ﴾ [فاطر : ٣٢] هو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً ﴿ وَمِنْهُمْ سَابِقُ بِالْخَيْرَاتِ ﴾ [فاطر : ٣٢] وهذا التأويل يوافق التنزيل فإنه تعالى قال :﴿ وَالسَّـابِقُونَ الاوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـاجِرِينَ ﴾ [التوبة : ١٠٠] (التوبة : ٠٠١) الآية وقال بعده :﴿ وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ﴾ [التوبة : ١٠٢] (التوبة : ٢٠١) الآية وقال بعده :﴿ وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لامْرِ اللَّهِ ﴾ [التوبة : ١٠٦] (التوبة : ٦٠١) الآية.
والحديث فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر بعد قراءة هذه الآية : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم " سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له "
٤٩٥
وعنه عليه السلام " السابق يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يحاسب حساباً يسيراً ثم يدخل الجنة، وأما الظالم لنفسه فيحبس حتى يظن أنه لا ينجو ثم تناله الرحمة فيدخل الجنة " رواه أبو الدرداء.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٩٤


الصفحة التالية
Icon