﴿ يَرِثُنِى وَيَرِثُ ﴾ [مريم : ٦] برفعهما صفة لولياً أي هب لي ولداً وارثاً مني العلم ومن آل يعقوب النبوة ومعنى وراثة النبوة أنه يصلح لأنه يوحى إليه ولم يرد أن نفس النبوة تورث وبجزمهما أبو عمرو وعلي على أنه جواب للدعاء يقال ورثته وورثت منه ﴿ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ ﴾ [مريم : ٦] يعقوب بن إسحاق ﴿ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم : ٦] مرضياً ترضاه أو راضياً عنك وبحكمك فأجاب الله تعالى دعاءه وقال :﴿ رَضِيًّا * يَـازَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَـامٍ اسْمُهُ يَحْيَى ﴾ تولى الله تسميته تشريفاً له.
نبشرك بالتخفيف حمزة ﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم : ٧] لم يسم أحد بيحيى قبله وهذا دليل على أن الإسم الغريب جدير بالأثرة وقيل مثلاً وشبيها ولم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط وأنه ولد بين شيخ وعجوز وأنه كان حصوراً فلما بشرته الملائكة به ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّى ﴾ [الشعراء : ١٢] كيف ﴿ يَكُونُ لِي غُلَـامٌ ﴾ [آل عمران : ٤٠] وليس هذا باستبعاد بل هو استكشاف أنه بأي طريق يكون أيوهب له وهو وامرأته بتلك الحال أم يحولان شابين ﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴾ [مريم : ٨] أي بلغت عتيا وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود اليابس من أجل الكبر والطعن في
٤٩
السن العالية عتياً وصلياً وجثياً وبكياً بكسر الأوائل حمزة وعلي وحفص إلا في بكيا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٩
﴿ قَالَ كَذَالِكَ ﴾ [طه : ١٢٦] الكاف رفع أي الأمر كذلك تصديق له ثم ابتدأ ﴿ قَالَ رَبُّكَ ﴾ [الذاريات : ٣٠] أو نصب بقال وذلك إشارة إلى مبهم يفسره ﴿ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ ﴾ [مريم : ٩] أي خلق يحيى من كبيرين سهل ﴿ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ ﴾ [مريم : ٩] أو جدتك من قبل يحيى.
خلقناك حمزة وعلي ﴿ وَلَمْ تَكُ شيئا ﴾ [مريم : ٩] لأن المعدوم ليس بشيء ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّى ءَايَةً ﴾ [آل عمران : ٤١] علامة أعرف بها حبل امرأتي ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّى ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلا ﴾ [مريم : ١٠] حال من ضمير تكلم أي حال كونك سوى الأعضاء واللسان يعني علامتك أن تمنع الكلام فلا تطيقه وأنت سليم الجوارح ما بك خرس ولا بكم ودل ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران على أن المنع من الكلام استمر به ثلاثة أيام ولياليهن إذ ذكر الأيام يتناول ما بإزائها من الليالي وكذا ذكر الليالي يتناول ما بإزائها من الأيام عرفاً ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ ﴾ [مريم : ١١] من موضع صلاته وكانوا ينتظرونه ولم يقدر أن يتكلم ﴿ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ ﴾ [مريم : ١١] أشار بإصبعه ﴿ أَن سَبِّحُوا ﴾ [مريم : ١١] صلوا وأن هي المفسرة ﴿ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم : ١١] صلاة الفجر والعصر ﴿ وَلا يَحْيَى ﴾ أي وهبنا له يحيى وقلنا له بعد ولادته وأوان الخطاب يا يحيى ﴿ خُذِ الْكِتَـابَ ﴾ [مريم : ١٢] التوراة ﴿ بِقُوَّةٍ ﴾ حال أي بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد ﴿ وَءَاتَيْنَـاهُ الْحُكْمَ ﴾ [مريم : ١٢] الحكمة وهو فهم التوراة والفقه في الدين ﴿ صَبِيًّا ﴾ حال قيل دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صبي فقال : ما للعب خلقنا ﴿ وَحَنَانًا ﴾ شفقة ورحمة لأبويه وغيرهما عطفاً على الحكم ﴿ مِّن لَّدُنَّا ﴾ [النساء : ٦٧]
٥٠
من عندنا ﴿ وَزَكَواةً ﴾ أي طهارة وصلاحاً فلم يعمل بذنب ﴿ وَكَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم : ١٣] مسلماً مطيعا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٠