﴿ فَأَتَتْ بِهِ ﴾ [مريم : ٢٧] بعيسى ﴿ قَوْمَهَا ﴾ بعد ما طهرت من نفاسها ﴿ تَحْمِلُهُ ﴾ حال منها أي أقبلت نحوهم حاملة إياه فلما رأوه معها ﴿ قَالُوا يَـامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شيئا فَرِيًّا ﴾ [مريم : ٢٧] بديعاً عجيباً والفري القطع كأنه يقطع العادة ﴿ فَأَرْسِلْ إِلَى هَـارُونَ ﴾ وكان أخاها من أبيها ومن أفضل بني إسرائيل أو هو أخو موسى عليه السلام وكانت من أعقابه وبينهما ألف سنة وهذا كما يقال يا أخا همدان أي يا واحداً منهم أو رجل صالح أو طالح من زمانها شبهوها به في الصلاح أو شتموها به ﴿ مَا كَانَ أَبُوكِ ﴾ [مريم : ٢٨] عمران ﴿ امْرَأَ سَوْءٍ ﴾ [مريم : ٢٨] زانياً ﴿ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ ﴾ [مريم : ٢٨] حنة ﴿ بَغِيًّا ﴾ زانية ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ﴾ [مريم : ٢٩] إلى عيسى أن يجيبهم وذلك أن عيسى عليه السلام قال لها : لا تحزني وأحيلي بالجواب علي وقيل أمرها جبريل بذلك ولما أشارت إليه غضبوا وتعجبوا و ﴿ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ ﴾ [مريم : ٢٩] حدث ووجد ﴿ فِى الْمَهْدِ ﴾ [مريم : ٢٩] المعهود ﴿ صَبِيًّا ﴾ حال ﴿ قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ﴾ [مريم : ٣٠] ولما أسكتت بأمر الله لسانها الناطق أنطق الله لها اللسان الساكت حتى أعترف بالعبودية وهو ابن أربعين ليلة أو ابن يوم روى أنه أشار بسبابته وقال : بصوت رفيع إني عبد الله وفيه رد لقول النصارى
﴿ الْكِتَـابَ وَجَعَلَنِى ﴾ [مريم : ٣٠]
٥٥
الإنجيل ﴿ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا ﴾ [مريم : ٣٠] روي عن الحسن أنه كان في المهد نبياً وكلامه معجزته وقيل معناه أن ذلك سبق في قضائه أو جعل الآتي لا محالة كأنه وجد
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٥
﴿ وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ﴾ [مريم : ٣١] نفاعاً حيث كنت أو معلماً للخير ﴿ وَأَوْصَـانِى ﴾ وأمرني ﴿ وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا ﴾ [مريم : ٣١] إن ملكت مالاً وقيل صدقة الفطر أو تطهير البدن ويحتمل وأوصاني بأن آمركم بالصلاة والزكاة ﴿ يُبْعَثُ حَيًّا ﴾ نصب على الظرف أي مدة حياتي ﴿ وَبَرَّا بِوَالِدَتِى ﴾ [مريم : ٣٢] عطفاً على مباركاً أي باراً بها أكرمها وأعظمها ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا ﴾ [مريم : ٣٢] متكبراً ﴿ شَقِيًّا ﴾ عاقاً ﴿ وَالسَّلَـامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ ﴾ [مريم : ٣٣] يوم ظرف والعامل فيه الخبر وهو علي ﴿ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم : ٣٣] أي ذلك السلام الموجه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجه إلي إن كان حرف التعريف للعهد وإن كان للجنس فالمعني وجنس السلام علي وفيه تعريض باللعنة على أعداء مريم وابنهالأنه إذا قال : وجنس السلام على فقد عرض بأن ضده عليكم إذ المقام مقام مناكرة وعناد فكان مئنة لمثل هذا التعريض ﴿ ذَالِكَ ﴾ مبتدأ ﴿ عِيسَى ﴾ خبره ﴿ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [المائدة : ١١٦] نعته أو خبر ثان أي ذلك الذي قال : إني كذا وكذا عيسى بن مريم لا كما قالت النصارى : إنه إله أو ابن الله ﴿ قَوْلَ الْحَقِّ ﴾ [مريم : ٣٤] كلمة الله فالقول الكلمة والحق الله وقيل له كلمة الله لأنه ولد بقوله كن بلا واسطة أب وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف أو بدل من عيسى ونصبه شامي وعاصم على المدح أو على المصدر أي أقول قول الحق هو ابن مريم وليس بإله كما يدعونه ﴿ الَّذِى فِيهِ يَمْتَرُونَ ﴾ [مريم : ٣٤] يشكون من المرية الشك أو يختلفون من المراء، فقالت اليهود : ساحر كذاب وقالت النصارى : ابن الله وثالث ثلاثة
٥٦
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٦