جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٢
﴿ أؤلئك ﴾ إشارة إلى المذكورين في السورة من زكرياء إلى إدريس ﴿ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّـانَ ﴾ [النساء : ٦٩] من للبيان لأن جميع الأنبياء منعم عليهم ﴿ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ ﴾ [مريم : ٥٨-٣١] من للتبعيض وكان إدريس من ذرية آدم لقربه منه لأنه جد أبي نوح ﴿ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ﴾ [مريم : ٥٨] إبراهيم من ذرية من حمل مع نوح لأنه ولد سام بن نوح ﴿ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [مريم : ٥٨] إسماعيل وإسحاق ويعقوب ﴿ وَإِسْرَاءِيلَ ﴾ أي ومن ذرية إسرائيل أي يعقوب وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى لأن مريم من ذريته ﴿ وَمِمَّنْ ﴾ يحتمل العطف على من الأول والثانية ﴿ هَدَيْنَا ﴾ لمحاسن الإسلام ﴿ وَاجْتَبَيْنَآ ﴾ من الأنام أو لشرح الشريعة وكشف الحقيقة ﴿ أؤلئك الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم ﴾ [مريم : ٥٨] أي إذا تليت عليهم كتب الله المنزلة وهو كلام مستأنف إن جعلت الذين خبراً لأولئك وإن جعلته صفة له كان خبراً.
يتلى بالياء قتيبة لوجود الفاصل مع أن التأنيث غير حقيقي ﴿ خَرُّوا سُجَّدًا ﴾ [مريم : ٥٨] سقطوا على وجوههم رغبةً ﴿ وَبُكِيًّا ﴾ باكين رهبة جمع باك كسجود وقعود في جمع ساجد وقاعد في الحديث " اتلوا القرآن وابكوا وإن لم تبكوا فتباكوا " وعن صالح المرى قرأت القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المنام فقال لي يا صالح :" هذه القراءة فأين البكاء " ويقول في سجود التلاوة سبحان ربي الأعلى ثلاثاً ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾ [مريم : ٥٩] فجاء من بعد هؤلاء المفضلين ﴿ خَلْفٌ ﴾ أولاد سوء
٦٣
وبفتح اللام لعقب الخير عن ابن عباس هم اليهود ﴿ فَخَلَفَ مِن ﴾ تركوا الصلاة المفروضة ﴿ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ﴾ [مريم : ٥٩] ملاذ النفوس وعن عليّ رضي الله عنه من بني الشديد وركب المنظور ولبس المشهور وعن قتادة رضي الله عنه هو في هذه الأمة ﴿ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم : ٥٩] جزاء غي وكل شر عند العرب غي وكل خير رشاد وعن ابن عباس وابن مسعود وهو واد في جهنم أعدّ للمصرين على الزنا وشارب الخمر وآكل الربا والعاق وشاهد الزور
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٣
﴿ إِلا مَن تَابَ ﴾ رجع عن كفره ﴿ وَءَامَنَ ﴾ شرطه ﴿ وَعَمِلَ صَـالِحًا ﴾ [طه : ٨٢] بعد إيمانه
﴿ فَأُوالَـائكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ﴾ [النساء : ١٢٤] بضم الياء وفتح الخاء مكي وبصري وأبو بكر ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ شيئا ﴾ [مريم : ٦٠] أي لا ينقصون شيئاً من جزاء أعمالهم ولا يمنعونه بل يضاعف لهم أو لا يظلمون شيئاً من الظلم ﴿ جَنَّـاتِ ﴾ بدل من الجنة لأن الجنة تشمل على جنات عدن لأنها جنس أو نصب على المدح ﴿ عَدْنٍ ﴾ معرفة لأنها علم لمعنى العدن وهو الإقامة أو علم لأرض الجنة لكونها مقام إقامة ﴿ الَّتِى وَعَدَ الرَّحْمَـانُ عِبَادَهُ ﴾ [مريم : ٦١] أي عباده التائبين المؤمنين الذين يعملون الصالحات كما سبق ذكرهم ولأنه أضافهم إليه وهو للاختصاص وهؤلاء أهل الاختصاص ﴿ بِالْغَيْبِ ﴾ أي وعدها وهي غائبة عنهم غير حاضرة أو هم غائبون عنها لا يشاهدونها ﴿ إِنَّهُ ﴾ ضمير الشأن أو ضمير الرحمن ﴿ كَانَ وَعْدُهُ ﴾ [مريم : ٦١] أي موعوده وهو الجنة ﴿ مَأْتِيًّا ﴾ أي هم يأتونها ﴿ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا ﴾ [مريم : ٦٢] في الجنة ﴿ لَغْوًا ﴾ فحشاً أو كذباً أو ما لا طائل تحته من الكلام وهو المطروح منه وفيه تنبيه على وجوب تجنب اللغو واتقائه حيث نزه الله عنه داره التي لا تكليف فيها ﴿ إِلا سَلَـامًا ﴾ [مريم : ٦٢] أي لكن يسمعون سلاماً من الملائكة أو من يعضهم على بعض أو لا يسمعون فيها إلا قولاً يسلمون فيه من العيب والنقيصة فهو استثناء منقطع عند الجمهور وقيل معنى السلام هو الدعاء بالسلامة ولما كان أهل دار السلام أغنياء عن الدعاء بالسلامة كان ظاهر من باب اللغو وفضول الحديث لولا ما فيه من فائدة الإكرام ﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم : ٦٢] أي يؤتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار من الدنيا إذ لا ليل ولا نهار ثم لأنهم في النور أبداً وإنما
٦٤