جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٦
﴿ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ ﴾ [مريم : ٦٩] طائفة شاعت أي تبعت غاوياً من الغواة ﴿ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَـانِ عِتِيًّا ﴾ [مريم : ٦٩] جرأة أو فجوراً أي لنخرجن من كل طائفة من طوائف الغي أعتاهم فأعتاهم فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم وقيل المراد بأشدهم عتياً الرؤساء لتضاعف جرمهم لكونهم ضلالاً ومضلين قال سيبويه : أيهم مبني على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلته وهو هو من هو أشد حتى لو جيء به لأعرب بالنصب، وقيل أيهم هو أشد وهذا لأن الصلة توضح الموصول وتبينه كما أن المضاف إليه يوضح المضاف ويخصصه فكما أن خذف المضاف إليه في من قبل يوجب بناء المضاف وجب أن يكون حذف الصلة أو شيء منها موجباً للبناء وموضعها نصب بننزع، وقال الخليل : هي معربة وهو مبتدأ وأشد خبره وهو رفع على الحكاية تقديره لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد على الرحمن عتياً ويجوز أن يكون النزع واقعاً على من كل شيعة كقوله ووهبنا لهم من رحمتنا أي لننزعن بعض كل شيعة فكأن قائلاً قال : من هم فقيل أيهم أشد عتياً وعلى يتعلق بأفعل أي عتوهم أشد على الرحمن ﴿ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا ﴾ [مريم : ٧٠] أحق بالنار ﴿ صِلِيًّا ﴾ تمييز أو دخولا والباء تتعلق بأولى ﴿ وَإِن مِّنكُمْ ﴾ [مريم : ٧١] أحد ﴿ إِلا وَارِدُهَا ﴾ [مريم : ٧١] داخلها والمراد النار والورود : الدخول عند علي وابن عباس رضي لله عنهم وعليه جمهور أهل السنة لقوله تعالى : فأوردهم النار ولقوله تعالى لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ولقوله ثم تنجى الذين اتقوا إذ النجاة إنما تكون بعد الدخول لقوله عليه السلام :" الورود الدخول لا يبقي بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم وتقول النار للمؤمن جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي "، وقيل الورود بمعنى الدخول لكنه يختص بالكفار لقراءة ابن عباس وإن منهم وتحمل القراءة
٦٧
المشهورة على الإلتفات وعن عبد الله الورود الحضور لقوله تعالى : ولما ورد ماء مدين وقوله أولئك عنها مبعدون وأجيب عنه بأن المراد عن عذابها وعن الحسن وقتادة الورود المرور على الصراط لأن الصراط ممدود عليها فيسلم أهل الجنة ويتقاذف أهل النار وعن مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا لقوله عليه السلام :" الحمى حظ كل مؤمن من النار " وقال رجل من الصحابة لآخر أيقنت بالورود قال : نعم قال : وأيقنت بالصدر قال : لا قال : قال : ففيم الضحك وفيم التثاقل ﴿ كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا ﴾ [مريم : ٧١] أي كان ورودهم واجباً كائناً محتوماً والحتم مصدر حتم الأمر إذا أوجبه فسمى به الموجب كقولهم ضرب الأمير
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٧
﴿ ثُمَّ نُنَجِّى ﴾ [مريم : ٧٢] وعلي بالتخفيف ﴿ الَّذِينَ اتَّقَوا ﴾ [الأعراف : ٢٠١] عن الشرك وهم المؤمنون ﴿ وَّنَذَرُ الظَّـالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم : ٧٢] فيه دليل على دخول الكل لأنه قال : ونذر ولم يقل وندخل والمذهب أن صاحب الكبيرة قد يعاقب بقدر ذنبه ثم ينجو لا محاله وقالت : المرجئة الخبيثة لا يعاقب لأن المعصية لا تضر مع الإسلام عندهم وقالت : المعتزلة يخلد ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُنَا ﴾ [يونس : ١٥] أي القرآن ﴿ بَيِّنَـاتٍ ﴾ ظاهرات الإعجاز أو حججا وبراهين حال مؤكدة كقوله وهو الحق مصدقاً إذ آيات الله لا تكون إلا واضحة وحججاً ﴿ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الأحقاف : ٧] أي مشركو قريش وقد رجلوا شعورهم وتكلفوا في زيهم ﴿ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [العنكبوت : ١٢] للفقراء ورؤوسهم شعثة وثيابهم خشنة ﴿ أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ ﴾ [مريم : ٧٣] نحن أم أنتم ﴿ خَيْرٌ مَّقَامًا ﴾ [مريم : ٧٣] بالفتح وهو موضع القيام والمراد المكان والمسكن وبالضم مكي وهو موضع الإقامة والمنزل ﴿ وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ﴾ [مريم : ٧٣] مجلسا يجتمع القوم فيه للمشاورة ومعنى الآية أن الله تعالى يقول إذا أنزلنا إية فيها دلائل وبراهين أعرضوا عن التدبر فيها إلى الافتخار بالثروة والمال وحسن المنزل والحال فقال تعالى :
٦٨
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٨