﴿ تَنزِيلا ﴾ بدل من ﴿ تَذْكِرَةً ﴾ إذا جعل حالاً ويجوز أن ينتصب بـ " نزل " مضمراً أو على المدح أو بـ ﴿ يَخْشَى ﴾ مفعولاً أي أنزله الله تذكرة لمن يخشى تنزيل الله ﴿ مِّمَّنْ خَلَقَ الارْضَ وَالسَّمَـاوَاتِ ﴾ [طه : ٤] ﴿ مِنْ ﴾ يتعلق بـ ﴿ تَنزِيلا ﴾ صلة له ﴿ الْعُلَى ﴾ جمع العليا تأنيث الأعلى ووصف السماوات بالعلى دليل ظاهر على عظم قدرة خالقها ﴿ الرَّحْمَـانُ ﴾ رفع على المدح أي هو الرحمن ﴿ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [طه : ٥] خبر مبتدأ محذوف ﴿ اسْتَوَى ﴾ استولى.
عن الزجاج، ونبه بذكر العرش وهو أعظم المخلوقات على غيره.
وقيل : لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يردف الملك جعلوه كناية عن الملك فقال استوى فلان على العرش أي ملك وإن لم يعقد على السرير البتة وهذا كقولك " يد فلان مبسوطة " أي جواد وإن لم يكن له يد رأساً، والمذهب قول علي رضي الله عنه : الاستواء غير مجهول والتكييف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة لأنه تعالى كان ولا مكان فهو على ما كان قبل خلق المكان لم يتغير عما كان.
﴿ لَّهُ مَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِي الارْضِ ﴾ [البقرة : ٢٥٥] خبر ومبتدأ ومعطوف ﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ [الروم : ٨] أي ذلك كله ملكه ﴿ وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴾ [طه : ٦] ما تحت سبع الأراضين أو هو الصخرة التي تحت الأرض السابعة ﴿ وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ ﴾ [طه : ٧] ترفع صوتك ﴿ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ ﴾ [طه : ٧] ما أسررته إلى غيرك ﴿ وَأَخْفَى ﴾ منه وهو ما أخطرته ببالك أو ما أسررته في نفسك وما ستسره فيها ﴿ اللَّهُ لا إِلَـاهَ إِلا هُوَ لَهُ الاسْمَآءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه : ٨] أي هو واحد بذاته وإن افترقت عبارات صفاته رد لقولهم إنك تدعو آلهة حين سمعوا أسماءه تعالى والحسنى تأنيث الأحسن.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٧
﴿ وَهَلْ ﴾ أي وقد ﴿ أَتَـاـاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴾ [طه : ٩] خبره قفاه بقصة موسى عليه السلام
٧٧
ليتأسى به في تحمل أعباء النبوة بالصبر على المكاره ولينال الدرجة العليا كما نالها موسى.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٧
﴿ إِذْ رَءَا ﴾ [طه : ١٠] ظرف لمضمر أي حين رأى ﴿ نَارًا ﴾ كان كيت وكيت أو مفعول به لاذكر.
روي أن موسى عليه السلام استأذن شعيباً في الخروج إلى أمه وخرج بأهله فولد له ابن في الطريق في ليلة مظلمة مثلجة، وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته ولا ماء عنده وقدح فصلد زنده فرأى عند ذلك ناراً في زعمه وكان نوراً ﴿ فَقَالَ لاهْلِهِ امْكُثُوا ﴾ [طه : ١٠] أقيموا في مكانكم ﴿ إِنِّى ءَانَسْتُ ﴾ [النمل : ٧] أبصرت ﴿ نَارًا ﴾ والإيناس رؤية شيء يؤنس به ﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى ﴾ [القصص : ٢٩] بنى الأمر على الرجاء لئلا يعد ما ليس يستيقن الوفاء به ﴿ بِقَبَسٍ ﴾ نار مقتبسة في رأس عود أو فتيله ﴿ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴾ [طه : ١٠] ذوي هدى أو قوماً يهدونني الطريق.
ومعنى الاستعلاء في ﴿ عَلَى النَّارِ ﴾ [البقرة : ١٧٥] أن أهل النار يستعلون المكان القريب منها.
﴿ فَلَمَّآ أَتَـاـاهَا ﴾ [القصص : ٣٠] أي النار وجد ناراً بيضاء تتوقد في شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها، وكانت شجرة العناب أو العوسج ولم يجد عندها أحداً.
وروي أنه كلما طلبها بعدت عنه فإذا تركها قربت منه فثم ﴿ نُودِىَ ﴾ موسى ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنِّى ﴾ بكسر الهمزة أي نودي فقيل ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنِّى ﴾ أو لأن النداء ضرب من القول فعومل معاملته، وبالفتح : مكي وأبو عمرو أي نودي بأني ﴿ أَنَا رَبُّكَ ﴾ [طه : ١٢] ﴿ إِنَّآ ﴾ مبتدأ أو تأكيد أو فصل وكرر الضمير لتحقيق المعرفة وإماطة الشبهة.
روي أنه لما نودي يا موسى قال : من المتكلم؟ فقال الله عز وجل :﴿ أَنَا رَبُّكَ ﴾ [طه : ١٢].
فعرف أنه كلام الله عز وجل بأنه سمعه من جميع جهاته الست وسمعه بجميع أعضائه.
﴿ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ﴾ [طه : ١٢] انزعهما لتصيب قدميك بركة الوادي المقدس، أو لأنها كانت من جلد حمار ميت غير مدبوغ، أو لأن الحفوة تواضع لله ومن ثم طاف السلف بالكعبة حافين، والقرآن يدل على أن ذلك احترام للبقعة وتعظيم لها فخلعهما وألقاهما من وراء الوادي ﴿ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ ﴾ [طه : ١٢] المطهر أو المبارك ﴿ طُوًى ﴾ حيث كان منوّن : شامي
٧٨