في عظم الثعبان وسرعة الجان.
وقيل : كان بين لحييها أربعون ذراعاً.
ولما ﴿ قَالَ ﴾ له ربه ﴿ خُذْهَا وَلا تَخَفْ ﴾ [طه : ٢١] بلغ من ذهاب خوفه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها ﴿ سَنُعِيدُهَا ﴾ سنردها ﴿ سِيَرتَهَا الاولَى ﴾ [طه : ٢١] تأنيث الأول، والسيرة : الحالة التي يكون عليها الإنسان غريزية كانت أو مكتسبة وهي في الأصل فعلة من السير كالركبة من الركوب ثم استعملت بمعنى الحالة والطريقة.
وانتصبت على الظرف أي سنعيدها في طريقتها الأولى أي في حال ما كانت عصا.
والمعنى نردها عصاً كما كانت، وأرى ذلك موسى عند المخاطبة لئلا يفزع منها إذا انقلبت حية عند فرعون، ثم نبه على آية أخرى فقال.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٠
﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ﴾ [طه : ٢٢] إلى جنبك تحت العضد وجناحا الإنسان جنباه والأصل المستعار منه جناحا الطائر سميا جناحين لأنه يجنحهما أي يميلهما عند الطيران والمعنى أدخلها تحت عضدك ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ ﴾ [طه : ٢٢] لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر ﴿ مِنْ غَيْرِ سُواءٍ ﴾ [طه : ٢٢] برص ﴿ أُخْرَى * لِنُرِيَكَ ﴾ [طه : ٢٢، ٢٣] لنبوتك بيضاء وآية حالان معاً ومن غير سوء صلة بيضاء كقولك " ابيضت من غير سوء " وجاز أن ينتصب ﴿ ءَايَةً ﴾ بفعل محذوف يتعلق به لام.
﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ ءَايَـاتِنَا الْكُبْرَى ﴾ [طه : ٢٣] أي خذ هذه الآية أيضاً بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى العظمى، أو نريك بهما الكبرى من آياتنا أو المعنى فعلنا ذلك لنريك من آياتنا الكبرى.
﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه : ٢٤] جاوز حد العبودية إلى دعوى الربوبية، ولما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي وعرف أنه كلف أمراً عظيماً يحتاج إلى صدر فسيح.
٨١
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٠
﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى ﴾ [طه : ٢٥] وسعه ليحتمل الوحي والمشاق ورديء الأخلاق من فرعون وجنده ﴿ وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى ﴾ وسهل علي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى فرعون.
واشرح لي صدري آكد من اشرح صدري لأنه تكرير للمعنى الواحد من طريقي الإجمال والتفصيل لأنه يقول اشرح لي ويسر لي علم أن ثمة مشروحاً وميسراً ثم رفع الإبهام بذكر الصدر والأمر ﴿ وَاحْلُلْ ﴾ افتح ﴿ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى ﴾ [طه : ٢٧] وكان في لسانه رتة للجمرة التي وضعها على لسانه في صباه، وذلك أن موسى أخذ لحية فرعون ولطمه لطمة شديدة في صغره فأراد قتله فقالت آسية : أيها الملك إنه صغير لا يعقل فجعلت في طشت ناراً وفي طشت يواقيت ووضعتهما لدى موسى فقصد اليواقيت فأمال الملك يده إلى النار فرفع جمرة فوضعها على لسانه فاحترق لسانه فصار لكنة منها.
وروي أن يده احترقت واجتهد فرعون في علاجها فلم تبرأ ولما دعاه قال : إلى أي رب تدعوني؟ قال : إلى الذي أبرأ يدي وقد عجزت عنها.
و ﴿ مِّن لِّسَانِى ﴾ [طه : ٢٧] صفة لعقدة كأنه قيل : عقدة من عقد لساني، وهذا يشعر بأنه لم تزل العقدة بكمالها وأكثرهم على ذهاب جميعها ﴿ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه : ٢٨] عند تبليغ الرسالة.
﴿ وَاجْعَل لِّى وَزِيرًا ﴾ [طه : ٢٩] ظهيراً اعتمد عليه من الوزر الثقل لأنه يتحمل عن الملك أوزاره ومؤنته، أو من الوزر الملجأ لأن الملك يعتصم برأيه ويلتجيء إليه في أموره، أو معيناً من الموازرة وهي المعاونة فـ
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٢
﴿ وَزِيرًا ﴾ مفعول أول لـ ﴿ أَجَعَلَ ﴾ والثاني ﴿ مِّنْ أَهْلِى ﴾ [طه : ٢٩] أو ﴿ وَاجْعَل لِّى وَزِيرًا ﴾ مفعولاه وقوله ﴿ هَـارُونَ ﴾ عطف بيان لـ ﴿ وَزِيرًا ﴾ وقوله ﴿ أَخِى ﴾ بدل أو عطف بيان آخر أو ﴿ وَزِيرًا ﴾ و ﴿ هَـارُونَ ﴾ مفعولاه وقدم ثانيهما على أولهما عناية بأمر الوزارة ﴿ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى ﴾ [طه : ٣١] قو به ظهري وقيل الأزر القوة
٨٢