﴿ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ ﴾ [طه : ٥٨] فلنعارضنك بسحر مثل سحرك ﴿ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا ﴾ [طه : ٥٨] هو مصدر بمعنى الوعد ويقدر مضاف أي مكان موعد.
والضمير في
٨٨
﴿ لا نُخْلِفُهُ ﴾ [طه : ٥٨] للموعد.
قرأ يزيد بالجزم على جواب الأمر وغيره بالرفع على الوصف للموعد ﴿ نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَانًا ﴾ [طه : ٥٨] هو بدل من المكان المحذوف، ويجوز أن لا يقدر مضاف ويكون المعنى اجعل بيننا وبينك وعداً لا نخلفه، وانتصب ﴿ مَكَانًا ﴾ بالمصدر أو بفعل يدل عليه المصدر ﴿ سُوًى ﴾ بالكسر حجازي وأبو عمرو وعليّ وغيرهم بالضم وهو نعت لـ ﴿ مَكَانًا ﴾ أي منصفاً بيننا وبينك وهو من الاستواء لأن المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية.
﴿ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ﴾ [طه : ٥٩] مبتدأ وخبر وهو يوم عيد كان لهم أو يوم النيروز أو يوم عاشوراء.
وإنما استقام الجواب بالزمان وإن كان السؤال عن المكان على التأويل الأول، لأن اجتماعهم يوم الزينة يكون في مكان لا محالة فبذكر الزمان علم المكان، وعلى الثاني تقديره وعدكم وعد يوم الزينة ﴿ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ﴾ [طه : ٥٩] أي تجمع في موضع رفع أوجر عطفاً على ﴿ يَوْمُ ﴾ أو ﴿ الزِّينَةِ ﴾ ﴿ ضُحًى ﴾ أي وقت الضحوة لتكون أبعد عن الريبة وأبين لكشف الحق وليشيع في جميع أهل الوبر والمدر ﴿ فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ ﴾ [طه : ٦٠] أدبر عن موسى معرضاً ﴿ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ﴾ [طه : ٦٠] مكره وسحرته وكانوا اثنين وسبعين أو أربعمائة أو سبعين ألفاً ﴿ ثُمَّ أَتَى ﴾ [طه : ٦٠] للموعد ﴿ قَالَ لَهُم مُّوسَى ﴾ [يونس : ٨٠] أي للسحرة ﴿ وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [طه : ٦١] لا تدعوا آياته ومعجزاته سحراً ﴿ فَيُسْحِتَكُم ﴾ كوفي غير أبي بكر يهلككم وبفتح الياء والحاء غيرهم، والسحت والإسحات بمعنى الإعدام وانتصب على جواب النهي ﴿ بِعَذَابٍ ﴾ عظيم ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ﴾ [طه : ٦١] من كذب على الله ﴿ فَتَنَـازَعُوا ﴾ اختلفوا أي السحرة فقال بعضهم : هو ساحر مثلنا.
وقال بعضهم : ليس هذا بكلام السحرة أي ﴿ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [طه : ٦١] الآية ﴿ أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ﴾ [طه : ٦٢] أي تشاوروا في السر وقالوا : إن كان ساحراً فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمر، والنجوى يكون مصدراً واسماً.
٨٩
ثم لفقوا هذا الكلام يعني
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٧
﴿ قَالُوا إِنْ هَـاذَانِ لَسَـاحِرَانِ ﴾ [طه : ٦٣] يعني موسى وهارون.
قرأ أبو عمرو ﴿ إِنْ هَـاذَانِ لَسَـاحِرَانِ ﴾ وهو ظاهر ولكنه مخالف للإمام، وابن كثير وحفص والخليل وهو أعرف بالنحو واللغة ﴿ إِنْ هَـاذَانِ لَسَـاحِرَانِ ﴾ [طه : ٦٣] بتخفيف ﴿ ءَانٍ ﴾ مثل قولك " إن زيد لمنطلق " واللام هي الفارقة بين " إن " النافية والمخففة من الثقيلة.
وقيل : هي بمعنى " ما " واللام بمعنى إلا أي ما هذان إلا ساحران دليله قراءة أبيّ ﴿ ءَانٍ ﴾ وغيرهم ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى * قَالُوا إِنْ هَـاذَانِ لَسَـاحِرَانِ ﴾ [طه : ٦٣] قيل هي لغة بلحارث بن كعب وخثعم ومراد وكنانة فالتثنية في لغتهم بالألف أبداً فلم يقلبوها يا ء في الجر والنصب كعصا وسعدى قال :
إن أباها وأبا أباها
قد بلغا في المجد غايتاها
وقال الزجاج : إن بمعنى نعم، قال الشاعر :
ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنه أي نعم والهاء للوقف.
و ﴿ هَـاذَانِ ﴾ مبتدأ و خبر مبتدأ محذوف واللام داخلة على المبتدأ المحذوف تقديره : هذان لهما ساحران فيكون دخولهما في موضعها الموضوع لها وهو الابتداء، وقد يدخل اللام في الخبر كما يدخل في المبتدأ قال :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٠
خالي لأنت ومن جرير خاله


الصفحة التالية
Icon