﴿ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ ﴾ [الشعراء : ٤٩] أي لموسى.
يقال : آمن له وآمن به ﴿ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِى عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ﴾ [طه : ٧١] لعظيمكم أو لمعلمكم، تقول أهل مكة للمعلم : أمرني كبيري ﴿ فَلاقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَـافٍ ﴾ [طه : ٧١] القطع من خلاف أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى لأن كل واحد من العضوين يخالف الآخر بأن هذا يد وذاك رجل وهذا يمين وذاك شمال، و " من " لابتداء الغاية لأن القطع مبتدأ وناشيء من مخالفة العضو، ومحل الجار والمجرور النصب على الحال يعني لأقطعنها مختلفات لأنها إذا خالف بعضها بعضاً فقد اتصفت بالاختلاف، شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن المظروف في الظرف فلهذا قال ﴿ وَلاصَلِّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ [طه : ٧١] وخص النخل لطول جذوعها ﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابًا ﴾ [طه : ٧١] أنا على ترك إيمانكم
٩٢
بي أو رب موسى على ترك الإيمان به.
وقيل : يريد نفسه لعنه الله وموسى صلوات الله وسلامه عليه بدليل قوله ﴿ لَهُ قَبْلَ ﴾ [طه : ٧١] واللام مع الإيمان في كتاب الله لغير الله كقوله ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة : ٦١] (التوبة : ١٦) ﴿ وَأَبْقَى ﴾ أدوم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٠
﴿ قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ ﴾ [طه : ٧٢] لن نختارك ﴿ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَـاتِ ﴾ [طه : ٧٢] القاطعة الدالة على صدق موسى ﴿ وَالَّذِى فَطَرَنَا ﴾ [طه : ٧٢] عطف على ﴿ مَا جَآءَنَا ﴾ [المائدة : ١٩] أي لن نختارك على الذي جاءنا ولا على الذي خلقنا، أو قسم وجوابه ﴿ لَن نُّؤْثِرَكَ ﴾ [طه : ٧٢] مقدم على القسم ﴿ فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ ﴾ [طه : ٧٢] فاصنع ما أنت صانع من القتل والصلب قال : وعليهما مسرودتان قضاهما، أي صنعهما أو احكم ما أنت حاكم ﴿ قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا ﴾ [طه : ٧٢] أي في هذه الحياة الدنيا فانتصب على الظرف أي إنما تحكم فينا مدة حياتنا.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٣
﴿ ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـايَـانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ ﴾ " ما " موصولة منصوبة بالعطف على ﴿ خَطَـايَـانَا ﴾ ﴿ مِنَ السِّحْرِ ﴾ [طه : ٧٣] حال من " ما "، روي أنهم قالوا لفرعون : أرنا موسى نائماً ففعل فوجدوه تحرسه عصاه فقالوا : ما هذا بسحر الساحر إذا نام بطل سحره فكرهوا معارضته خوف الفضيحة فأكرههم فرعون على الإتيان بالسحر وضر فرعون جهله به ونفعهم علمهم بالسحر فكيف بعلم الشرع ﴿ وَاللَّهُ خَيْرٌ ﴾ [الجمعة : ١١] ثواباً لمن أطاعه ﴿ وَأَبْقَى ﴾ عقاباً لمن عصاه وهو رد لقول فرعون ﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾ [طه : ٧١].
﴿ إِنَّهُ ﴾ هو ضمير الشأن ﴿ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا ﴾ [طه : ٧٤] كافراً ﴿ فَإِنَّ لَهُ ﴾ [طه : ٧٤] للمجرم ﴿ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا ﴾ [طه : ٧٤] فيستريح بالموت ﴿ وَلا يَحْيَى ﴾ [طه : ٧٤] حياة ينتفع بها ﴿ وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا ﴾ [طه : ٧٥] مات على الإيمان ﴿ قَدْ عَمِلَ الصَّـالِحَـاتِ ﴾ [طه : ٧٥] بعد الإيمان ﴿ فَأُوالَـائكَ لَهُمُ الدَّرَجَـاتُ الْعُلَى ﴾ [طه : ٧٥] جمع العليا
٩٣
﴿ جَنَّـاتُ عَدْنٍ ﴾ [مريم : ٦١] بدل من ﴿ الدَّرَجَـاتُ ﴾ ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا ﴾ [البينة : ٨] دائمين ﴿ وَذَالِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّى ﴾ [طه : ٧٦] تطهر من الشرك بقول لا إله إلا الله.
قيل : هذه الآيات الثلاث حكاية قولهم.
وقيل : خبر من الله تعالى لا على وجه الحكاية وهو أظهر ﴿ بِعِبَادِى ﴾ لما أراد الله تعالى إهلاك فرعون وقومه أمر موسى أن يخرج بهم من مصر ليلاً ويأخذ بهم طريق البحر ﴿ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِى الْبَحْرِ ﴾ [طه : ٧٧] اجعل لهم من قولهم ضرب له في ماله سهماً ﴿ يَبَسًا ﴾ أي يا بساً وهو مصدر وصف به يقال : يبس يَبسا ويُبسا
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٣