﴿ لا تَخَـافُ ﴾ [طه : ٧٧] حال من الضمير في ﴿ فَاضْرِبْ ﴾ أي اضرب لهم طريقاً غير خائف.
﴿ لا تَخَفْ ﴾ [هود : ٧٠] حمزة على الجواب ﴿ دَرَكًا ﴾ هو اسم من الإدراك أي لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك ﴿ وَلا تَخْشَى ﴾ [طه : ٧٧] الغرق وعلى قراءة حمزة ﴿ وَلا تَخْشَى ﴾ [طه : ٧٧] استئناف أي وأنت لا تخشى أو يكون الألف للإطلاق كما في ﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾ [الأحزاب : ١٠] (الأحزاب : ٠١) فخرج بهم موسى من أول الليل وكانوا سبعين ألفاً وقد استعاروا حليهم فركب فرعون في ستمائة ألف من القبط فقص أثرهم فذلك قوله ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ﴾ [طه : ٧٨] هو حال أي خرج خلفهم ومعه جنوده ﴿ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ ﴾ [طه : ٧٨] أصابهم من البحر ﴿ مَا غَشِيَهُمْ ﴾ [طه : ٧٨] هو من جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله عز وجل ﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ﴾ [طه : ٧٩] عن سبيل الرشاد ﴿ وَمَا هَدَى ﴾ [طه : ٧٩] وما أرشدهم إلى الحق والسداد وهذا رد لقوله ﴿ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر : ٢٩] (غافر : ٩٢).
ثم ذكر منته على بني إسرائيل بعد ما أنجاهم من البحر وأهلك فرعون وقومه بقوله ﴿ يَـابَنِى إِسْرَاءِيلَ ﴾ [البقرة : ٤٠] أي أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي وقلنا يا بني إسرائيل ﴿ قَدْ أَنجَيْنَـاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ ﴾ [طه : ٨٠] أي فرعون ﴿ وَوَاعَدْنَـاكُمْ ﴾ بإيتاء الكتاب ﴿ جَانِبَ الطُّورِ الايْمَنَ ﴾ [مريم : ٥٢]
٩٤
وذلك أن الله عز وجل وعد موسى أن يأتي هذا المكان ويختار سبعين رجلاً يحضرون معه لنزول التوراة.
وإنما نسب إليهم المواعدة لأنها كانت لنبيهم ونقبائهم وإليهم رجعت منافعها التي قام بها شرعهم ودينهم.
و ﴿ الايْمَنَ ﴾ نصب لأنه صفة ﴿ جَانِبَ ﴾ وقرىء بالجر على الجواز ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾ [طه : ٨٠] في التيه وقلنا لكم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٣
﴿ كُلُوا مِن طَيِّبَـاتِ ﴾ [البقرة : ٥٧] حلالات ﴿ مَا رَزَقْنَـاكُمْ ﴾ [الروم : ٢٨] كوفي غير عاصم ﴿ رَزَقْنَـاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ ﴾ [طه : ٨١] ولا تتعدوا حدود الله فيه بأن تكفروا النعم وتنفقوها في المعاصي أو لا يظلم بعضكم بعضاً ﴿ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِى ﴾ [طه : ٨١] عقوبتي ﴿ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى ﴾ [طه : ٨١] هلك أو سقط سقوطاً لا نهوض بعده، وأصله أن يسقط من جبل فيهلك وتحقيقه سقط من شرف الإيمان إلى حفرة من حفر النيران.
قرأ علي ﴿ فَيَحِلَّ ﴾ و ﴿ يَحْلِلْ ﴾ والباقون بكسرهما.
فالمكسور في معنى الوجوب من حل الدين يحل إذا وجب أداؤه، والمضموم في معنى النزول ﴿ وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ [طه : ٨٢] عن الشرك ﴿ وَءَامَنَ ﴾ وحد الله تعالى وصدقه فيما أنزل ﴿ وَعَمِلَ صَـالِحًا ﴾ [طه : ٨٢] أدى الفرائض ﴿ ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه : ٨٢] ثم استقام وثبت على الهدى المذكور وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح.
﴿ وَمَآ أَعْجَلَكَ ﴾ [طه : ٨٣] أي وأي شيء عجل بك ﴿ عَن قَوْمِكَ يَـامُوسَى ﴾ أي عن السبعين الذين اختارهم وذلك أنه مضى معهم إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقاً إلى كلام ربه وأمرهم أن يتبعوه قال الله تعالى ﴿ وَمَآ أَعْجَلَكَ ﴾ [طه : ٨٣] أي أي شيء أوجب عجلتك استفهام إنكار و ﴿ مَآ ﴾ مبتدأ و ﴿ أَعْجَلَكَ ﴾ الخبر ﴿ قَالَ هُمْ أُوْلاءِ عَلَى أَثَرِى ﴾ [طه : ٨٤] أي هم خلفي يلحقون بي وليس بيني وبينهم إلا مسافة يسيرة.
ثم ذكر موجب العجلة فقال ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ ﴾ [طه : ٨٤] أي إلى الموعد الذي وعدت ﴿ لِتَرْضَى ﴾ لتزداد عني رضاً وهذا دليل على جواز الاجتهاد.
٩٥
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٣


الصفحة التالية
Icon