﴿ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ ﴾ [طه : ٨٥] ألقيناهم في فتنة ﴿ مِن بَعْدِكَ ﴾ [طه : ٨٥] من بعد خروجك من بينهم والمراد بالقوم الذين خلفهم مع هارون ﴿ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ ﴾ [طه : ٨٥] بدعائه إياهم إلى عبادة العجل وإجابتهم له وهو منسوب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها السامرة.
وقيل : كان علجاً من كرمان فاتخذ عجلاً واسمه موسى بن ظفر وكان منافقاً ﴿ فَرَجَعَ مُوسَى ﴾ [طه : ٨٦] من مناجات ربه ﴿ إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَـانَ أَسِفًا ﴾ [الأعراف : ١٥٠] شديد الغضب أو حزيناً ﴿ قَالَ يَـاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ﴾ وعدهم الله أن يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور وكانت ألف سورة كل سوره ألف آية يحمل أسفارها سبعون جملاً ولا وعد أحسن من ذلك ﴿ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ ﴾ [طه : ٨٦] أي مدة مفارقتي إياكم، والعهد الزمان، يقال : طال عهدي بك أي طال زماني بسبب مفارقتك ﴿ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [طه : ٨٦] أي أردتم أن تفعلوا فعلاً يجب به عليكم الغضب من ربكم ﴿ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِى ﴾ [طه : ٨٦] وعدوه أن يقيموا على أمره وما تركهم عليه من الآيات فأخلفوا موعده باتخاذ العجل.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٦
﴿ قَالُوا مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ﴾ [طه : ٨٧] بفتح الميم : مدني وعاصم، وبضمها : حمزة وعلي، وبكسرها : غيرهم، أي ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا أي لو ملكنا أمرنا وخلينا ورأينا لما أخلفنا موعدك ولكنا غلبنا من جهة السامري وكيده ﴿ وَلَـاكِنَّا حُمِّلْنَآ ﴾ [طه : ٨٧] بالضم والتشديد : حجازي وشامي وحفص، وبفتح الحاء والميم مع التخفيف : غيرهم ﴿ أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ ﴾ [طه : ٨٧] أثقالاً من حلي القبط، أو أرادوا بالأوزار أنها آثام وتبعات لأنهم قد استعاروها ليلة الخروج من مصر بعلة أن لنا غداً عيداً، فقال السامري : إنما حبس موسى لشؤم حرمتها لأنهم كانوا معهم في حكم المستأمنين في دار الحرب وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي على أن الغنائم لم تكن تحل حينئذ فأحرقوها
٩٦
فخبأ في حفرة النار قالب عجل فانصاغت عجلاً مجوفاً فخار بدخول الريح في مجار منه أشباه العروق.
وقيل : نفخ فيه تراباً من موضع قوائم فرس جبريل عليه السلام يوم الغرق وهو فرس حياة فحيي فخار ومالت طباهم إلى الذهب فعبدوه ﴿ فَقَذَفْنَـاهَا ﴾ في نار السامري التي أوقدها في الحفرة وأمرنا أن نطرح فيها الحلي ﴿ فَكَذَالِكَ أَلْقَى السَّامِرِىُّ ﴾ [طه : ٨٧] ما معه من الحلي في النار أو ما معه من التراب الذي أخذه من أثر حافر فرس جبريل عليه السلام.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٦


الصفحة التالية
Icon