﴿ وَجَعَلْنَا فِى الارْضِ رَوَاسِىَ ﴾ [الأنبياء : ٣١] جبالاً ثوابت من رسا إذا ثبت ﴿ أَن تَمِيدَ بِهِمْ ﴾ [الأنبياء : ٣١] لئلا تضطرب بهم فحذف " لا " واللام، وإنما جاز حذف " لا " لعدم الالتباس كما
١١٨
تزاد لذلك في ﴿ لِّئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَـابِ ﴾ [الحديد : ٢٩] ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا ﴾ [الأنبياء : ٣١] أي طرقاً واسعة جمع فج وهو الطريق الواسع ونصب على الحال من ﴿ سُبُلا ﴾ متقدمة، فإن قلت : أي فرق بين قوله تعالى ﴿ لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا ﴾ [نوح : ٢٠] وبين هذه؟ قلت : الأول للإعلام بأنه جعل فيها طرقاً واسعة، والثاني لبيان أنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة فهو بيان لما أبهم ثم ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [الأنبياء : ٣١] ليهتدوا بها إلى البلاد المقصودة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٨
﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ﴾ [الأنبياء : ٣٢] في موضعه عن السقوط كما قال ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى الارْضِ إِلا بِإِذْنِهِ ﴾ [الحج : ٦٥] أو محفوظاً بالشهب عن الشياطين كما قال :﴿ وَحَفِظْنَـاهَا مِن كُلِّ شَيْطَـانٍ رَّجِيمٍ ﴾ [الحجر : ١٧] ﴿ وَهُمْ ﴾ أي الكفار ﴿ عَنْ ءَايَـاتِهَا ﴾ [الأنبياء : ٣٢] عن الأدلة التي فيها كالشمس والقمر والنجوم ﴿ مُّعْرِضُونَ ﴾ غير متفكرين فيها فيؤمنون.
﴿ وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ الَّيْلَ ﴾ [الأنبياء : ٣٣] لتسكنوا فيه ﴿ وَالنَّهَارَ ﴾ لتتصرفوا فيه ﴿ وَالشَّمْسُ ﴾ لتكون سراج النهار ﴿ وَالْقَمَرِ ﴾ ليكون سراج الليل ﴿ كُلٌّ ﴾ التنوين فيه عوض عن المضاف إليه أي كلهم والضمير للشمس والقمر والمراد بهما جنس الطوالع، وجمع جمع العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة ﴿ فِى فَلَكٍ ﴾ [الأنبياء : ٣٣] عن ابن عباس رضي الله عنهما : الفلك السماء.
والجمهور على أن الفلك موج مكفوف تحت السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم وكل مبتدأ خبره ﴿ يَسْبَحُونَ ﴾ يسيرون أي يدورون والجملة في محل النصب على الحال من الشمس والقمر ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ﴾ [الأنبياء : ٣٤] البقاء الدائم ﴿ وَمَا جَعَلْنَآ ﴾ [الأنبياء : ٣٤] بكسر الميم مدني وكوفي غير أبي بكر ﴿ فَهُمُ الْخَـالِدُونَ ﴾ [الأنبياء : ٣٤] والفاء الأول لعطف جملة على جملة والثاني لجزاء الشرط، كانوا يقدرون أنه سيموت فنفى الله عنه الشماتة بهذا أي قضي الله أن لا يخلد في الدنيا بشر أفإن مت أنت أيبقى هؤلاء
١١٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٩