﴿ وَجَعَلْنَـاهُمْ أَاـاِمَّةً ﴾ [القصص : ٤١] يقتدى بهم في الدين ﴿ يَهْدُونَ ﴾ الناس ﴿ بِأَمْرِنَا ﴾ بوحينا ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ﴾ [الأنبياء : ٧٣] وهي جميع الأعمال الصالحة وأصله أن تفعل الخيرات ثم فعلا الخيرات ثم فعل الخيرات.
وكذلك قوله ﴿ وَجَعَلْنَـاهُمْ أَاـاِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ [الأنبياء : ٧٣] والأصل وإقامة الصلاة إلا أن المضاف إليه جعل بدلاً من الهاء ﴿ وَكَانُوا لَنَا عَـابِدِينَ ﴾ [الأنبياء : ٧٣] لا للإصنام فأنتم يا معشر العرب أولاد إبراهيم فاتبعوه في ذلك.
﴿ وَلُوطًا ﴾ انتصب بفعل يفسره ﴿ حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ [يوسف : ٢٢] حكمة وهي ما يجب فعله من العمل أو فصلاً بين الخصوم أو نبوة ﴿ وَعِلْمًا ﴾ فقهاً ﴿ وَنَجَّيْنَـاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ ﴾ [الأنبياء : ٧٤] من أهلها وهي سدوم ﴿ الَّتِى كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَـائِثَ ﴾ [الأنبياء : ٧٤] اللواطة والضراط وحذف المارة بالحصى وغيرها ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَـاسِقِينَ ﴾ [الأنبياء : ٧٤] خارجين عن طاعة الله ﴿ وَأَدْخَلْنَـاهُ فِى رَحْمَتِنَآ ﴾ [الأنبياء : ٧٥] في أهل رحمتنا أو في الجنة ﴿ إِنَّهُ مِنَ الصَّـالِحِينَ ﴾ [الأنبياء : ٧٥] أي جزاء له على صلاحه كما أهلكنا قومه عقاباً على فسادهم ﴿ وَنُوحًا ﴾ أي واذكر نوحاً ﴿ إِذْ نَادَى ﴾ [الأنبياء : ٨٣] أي دعا على قومه بالهلاك
١٢٩
﴿ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] من قبل هؤلاء المذكورين ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾ [الأنبياء : ٨٤] أي دعاءه ﴿ فَنَجِّيْنَـاهُ وَأَهْلَهُ ﴾ [الشعراء : ١٧٠] أي المؤمنين من ولده وقومه ﴿ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنبياء : ٧٦] من الطوفان وتكذيب أهل الطغيان
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٢٩
﴿ وَنَصَرْنَـاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَآ ﴾ [الأنبياء : ٧٧] منعناه منهم أي من أذاهم ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَـاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأنبياء : ٧٧] صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم.
﴿ وَدَاوُادَ وَسُلَيْمَـانَ ﴾ أي واذكرهما ﴿ إِذْ ﴾ بدل منهما ﴿ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ ﴾ [الأنبياء : ٧٨] في الزرع أو الكرم ﴿ إِذْ ﴾ ظرف لـ يحكمان ﴿ نَفَشَتْ ﴾ دخلت ﴿ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ ﴾ [الأنبياء : ٧٨] ليلاً فأكلته وأفسدته والنفش انتشار الغنم ليلاً بلا راع ﴿ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ ﴾ [الأنبياء : ٧٨] أرادهما والمتحاكمين إليهما ﴿ شَـاهِدِينَ ﴾ أي كان ذلك بعلمنا ومرأى منا.
﴿ فَفَهَّمْنَـاهَا ﴾ أي الحكومة أو الفتوى ﴿ سُلَيْمَـانُ ﴾ وفيه دليل على أن الصواب كان مع سليمان صلوات الله عليه.
وقصته أن الغنم رعت الحرث وأفسدته بلا راع ليلاً فتحاكما إلى داود فحكم بالغنم لأهل الحرث وقد استوت قيمتاهما أي قيمة الغنم كانت على قدر النقصان من الحرث فقال سليمان وهو ابن إحدى عشرة سنة غير هذا أرفق بالفريقين، فعزم عليه ليحكمن فقال : أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بألبانها وأولادها وأصوافها والحرث إلى رب الغنم حتى يصلح الحرث ويعود كهيئته يوم أفسد ثم يترادان.
فقال : القضاء ما قضيت وأمضى الحكم بذلك، وكان ذلك باجتهاد منهما وهذا كان في شريعتهم، فأما في شريعتنا فلا ضمان عند أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم بالليل أو بالنهار إلا أن يكون مع البهيمة سائق أو قائد، وعند الشافعي رحمه الله يجب الضمان بالليل.
وقال الجصاص : إنما ضمنوا لأنهم أرسلوها.
ونسخ الضمان بقوله عليه السلام
١٣٠
" العجماء جبار " (١).
وقال مجاهد : كان هذا صلحاً وما فعله داود كان حكماً والصلح خير ﴿ وَكُلا ﴾ من داود وسليمان ﴿ حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ [الأنبياء : ٧٩] نبوة ﴿ وَعِلْمًا ﴾ معرفة بموجب الحكم ﴿ وَسَخَّرْنَا ﴾ وذللنا ﴿ مَعَ دَاوُادَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ ﴾ وهو حال بمعنى مسبحات أو استئناف كأن قائلاً قال : كيف سخرهن؟ فقال : يسبحن ﴿ وَالطَّيْرُ ﴾ معطوف على الجبال أو مفعول معه، وقدمت الجبال على الطير لأن تسخيرها وتسبيحها أعجب وأغرب وأدخل في الإعجاز لأنها جماد.
روي أنه كان يمر بالجبال مسبحاً وهي تتجاوبه : وقيل : كانت تسير معه حيث سار ﴿ وَكُنَّا فَـاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء : ٧٩] بالأنبياء مثل ذلك وإن كان عجباً عندكم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٠