﴿ إِنَّ هَـاذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الأنبياء : ٩٢] لأمة الملة وهذه إشارة إلى ملة الإسلام وهي ملة جميع الأنبياء.
و ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [يونس : ١٩] أي متوحدة غير متفرقة والعالم ما دل عليه اسم الإشارة أي أن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها يشار إليها ملة واحدة غير مختلفة ﴿ وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء : ٩٢] أي ربيتكم اختياراً فاعبدوني شكراً وافتخاراً والخطاب للناس كافة.
﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنبياء : ٩٣] أصل الكلام وتقطعتم إلا أن الكلام صرف إلى الغيبة على طريقة الالتفات، والمعنى وجعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعاً وصاروا فرقاً وأحزاباً.
ثم توعدهم بأن هؤلاء الفرق المختلفة ﴿ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾ [الأنبياء : ٩٣] فنجازيهم على أعمالهم ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّـالِحَـاتِ ﴾ [الأنبياء : ٩٤] شيئاً ﴿ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ [الإسراء : ١٩] بما يجب الإيمان به ﴿ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾ [الأنبياء : ٩٤] أي فإن سعيه مشكور مقبول والكفران مثل في حرمان الثواب كما أن الشكر مثل في إعطائه وقد نفى نفي الجنس ليكون أبلغ ﴿ وَإِنَّا لَهُ ﴾ [الأنبياء : ٩٤] للسعي أي الحفظة بأمرنا ﴿ كَـاتِبُونَ ﴾ في صحيفة عمله فنثيبه به ﴿ وَحَرَامٌ ﴾ وحرم كوفي غير حفص وخلف وهما لغتان كحل وحلال وزناً وضده معنى والمراد بالحرام الممتنع وجوده ﴿ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاهَآ أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ [الأنبياء : ٩٥] والمعنى وممتنع على مهلك غير ممكن أن لا يرجع إلى الله بالبعث، أو حرام على قرية أهلكناها أي قدرنا إهلاكهم أو حكمنا بإهلاكهم ذلك وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور أنهم لا يرجعون من الكفر إلى الإسلام.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٥
﴿ حَتَّى ﴾ هي التي يحكى بعدها الكلام والكلام المحكي الجملة من الشرط والجزاء أعني ﴿ إِذَآ ﴾ و " ما " في حيزما ﴿ فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ﴾ [الأنبياء : ٩٦] أي فتح
١٣٥
سدهما فحذف المضاف كما حذف المضاف إلى قرية فتّحت : شامي وهما قبيلتان من جنس الإنس.
يقال : الناس عشرة أجزاء تسعة منها يأجوج ومأجوج ﴿ وَهُمْ ﴾ راجع إلى الناس المسوقين إلى المحشر.
وقيل : هم يأجوج ومأجوج يخرجون حين يفتح السد ﴿ مِّن كُلِّ حَدَبٍ ﴾ [الأنبياء : ٩٦] نشز من الأرض أي ارتفاع ﴿ يَنسِلُونَ ﴾ يسرعون
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٥
﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ﴾ [الأنبياء : ٩٧] أي القيامة وجواب إذا ﴿ فَإِذَا هِىَ ﴾ [الأعراف : ١٠٨] وهي " إذا " المفاجأة وهي تقع في المجازاة سادة مسد الفاء كقوله ﴿ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [الروم : ٣٦] فإذا جاءت الفاء معها تعاونتاً على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد، ولو قيل فهي شاخصة أو إذا هي شاخصة كان سديداً وهي ضمير مبهم يوضحه الأبصار ويفسره ﴿ شَـاخِصَةٌ أَبْصَـارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الأنبياء : ٩٧] أي مرتفعة الأجفان لا تكاد تطرف من هول ما هم فيه ﴿ يَـاوَيْلَنَآ ﴾ متعلق بمحذوف تقديره يقولون يا ويلنا و يقولون حال من الذين كفروا ﴿ قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَـاذَا ﴾ [الأنبياء : ٩٧] اليوم ﴿ بَلْ كُنَّا ظَـالِمِينَ ﴾ [الأنبياء : ٩٧] بوضعنا العبادة في غير موضعها.
﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأنبياء : ٩٨] يعني الأصنام وإبليس وأعوانه لأنهم بطاعتهم لهم واتباعهم خطواتهم في حكم عبدتهم ﴿ حَصَبُ ﴾ حطب وقرىء حطب ﴿ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴾ [الأنبياء : ٩٨] فيها داخلون ﴿ لَوْ كَانَ هؤلاء ءَالِهَةً ﴾ [الأنبياء : ٩٩] كما زعمتم ﴿ مَّا وَرَدُوهَا ﴾ [الأنبياء : ٩٩] ما دخلوا النار ﴿ وَكُلٌّ ﴾ أي العابد والمعبود ﴿ فِيهَآ ﴾ في النار ﴿ خَـالِدُونَ * لَهُمْ ﴾ للكفار ﴿ فِيهَا زَفِيرٌ ﴾ [هود : ١٠٦] أنين وبكاء وعويل.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٦
﴿ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٠] شيئاً ما لأنهم صاروا صماً وفي السماع نوع أنس فلم يعطوه.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى ﴾ [الأنبياء : ١٠١] الخصلة المفضلة في الحسن
١٣٦


الصفحة التالية
Icon