الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة إذ المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به ﴿ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ ﴾ [الحج : ٢] أي حبلى ﴿ حَمْلَهَا ﴾ ولدها قبل تمامه.
عن الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام ﴿ وَتَرَى النَّاسَ ﴾ [الحج : ٢] أيها الناظر ﴿ سُكَـارَى ﴾ على التشبيه لما شاهدوا بساط العزة وسلطنة الجبروت وسرادق الكبرياء حتى قال كل نبي : نفسي نفسي ﴿ وَمَا هُم بِسُكَـارَى ﴾ [الحج : ٢] على التحقيق ﴿ وَلَـاكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج : ٢] فخوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم وطير تمييزهم وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه.
وعن الحسن : وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب.
سكرى فيهما بالإمالة : حمزة وعلي وهو كعطشى في عطشان.
روي أنه نزلت الآيتان ليلاً في غزوة بني المصطلق فقرأهما النبي عليه السلام فلم ير أكثر باكياً من تلك الليلة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤١
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَـادِلُ فِى اللَّهِ ﴾ [الحج : ٣] في دين الله ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [النحل : ٢٥] حال.
نزلت في النضر بن الحرث وكان جدلاً يقول الملائكة : بنات الله.
والقرآن : أساطير الأولين.
والله غير قادر على إحياء من بلي، أو هي عامة في كل من يخاصم في الدين بالهوى ﴿ وَيَتَّبِعُ ﴾ في ذلك ﴿ كُلَّ شَيْطَـانٍ مَّرِيدٍ ﴾ [الحج : ٣] عاتٍ مستمر في الشر.
ولا وقف على مريد لأن ما بعده صفته ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ ﴾ [الحج : ٤] قضي على الشيطان
١٤٢
﴿ أَنَّهُ مَن تَوَلاهُ ﴾ [الحج : ٤] تبعه أي تبع الشيطان ﴿ فَأَنَّهُ ﴾ فأن الشيطان ﴿ يُضِلُّهُ ﴾ عن سواء السبيل ﴿ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الحج : ٤] النار.
قال الزجاج : الفاء في فأنه للعطف و " أن " مكررة للتأكيد.
ورد عليه أبو علي وقال : إن " من " إن كان للشرط فالفاء دخل لجزاء الشرط، وإن كان بمعنى الذي فالفاء دخل على خبر المبتدأ والتقدير : فالأمر أنه يضله.
قال : والعطف والتأكيد يكون بعد تمام الأول، والمعنى كتب على الشيطان إضلال من تولاه وهدايته إلى النار.
ثم ألزم الحجة على منكري البعث فقال
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٢
﴿ يَـا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ ﴾ [الحج : ٥] يعني إن ارتبتم في البعث فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم وقد كنتم في الابتداء تراباً وماء، وليس سبب إنكاركم البعث إلا هذا وهو صيرورة الخلق تراباً وماء ﴿ فَإِنَّا خَلَقْنَـاكُم ﴾ [الحج : ٥] أي أباكم ﴿ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ ﴾ [الروم : ٢٠] خلقتم ﴿ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ﴾ [الحج : ٥] أي قطعة دم جامدة ﴿ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ ﴾ [الحج : ٥] أي لحمة صغيرة قدر ما يمضغ ﴿ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ [الحج : ٥] المخلقة المسواة الملساء من النقصان والعيب كأن الله عز وجل يخلق المضغة متفاوتة منها ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب، ومنها ما هو على عكس ذلك فيتبع ذلك التفاوت تفاوت الناس في خلقهم وصورهم وطولهم وقصرهم وتمامهم ونقصانهم.
وإنما نقلناكم من حال إلى حال ومن خلقة إلى خلقة ﴿ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾ [الحج : ٥] بهذا التدريج كمال قدرتنا وحكمتنا، وأن من قدر على خلق البشر من تراب أولاً ثم من نطفة ثانياً ولا مناسبة بين التراب والماء وقدر أن يجعل النطفة علقة والعلقة مضغة والمضغة عظاماً قادر على إعادة ما بدأه ﴿ وَنُقِرُّ ﴾ بالرفع عند غير المفضل مستأنف بعد وقف.
أي نحن نثبت ﴿ فِى الارْحَامِ مَا نَشَآءُ ﴾ [الحج : ٥] ثبوته ﴿ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ [نوح : ٤] أي وقت الولادة وما لم نشأ ثبوته أسقطته الأرحام
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٣
﴿ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ ﴾ [الحج : ٥] من الرحم ﴿ طِفْلا ﴾ حال وأريد به الجنس فلذا لم يجمع، أو أريد به ثم نخرج كل واحد منكم طفلاً ﴿ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا ﴾ [غافر : ٦٧] ثم نربيكم لتبلغوا ﴿ أَشُدَّكُمْ ﴾ كمال عقلكم وقوتكم وهو من ألفاظ الجموع التي لا يستعمل لها واحد ﴿ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى ﴾ [غافر : ٦٧] عند بلوغ الأشد أو قبله أو بعده ﴿ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ﴾ [النحل : ٧٠] أخسه يعني الهرم والخرف
١٤٣